إنّ عليّا قد جاهد في الله حقّ جهاده ، فقال : لأنّه منّي وأنا منه ، وإنّه وارث علمي وقاضي ديني ومنجز وعدي والخليفة من بعدي ، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي ، حربه حربي ، وحربي حرب الله ، وسلمه سلمي ، وسلمي سلم الله ، ألّا إنّه أبو سبطيّ ، والأئمّة من صلبه ، يخرج الله تعالى الأئمّة الراشدين من صلبه ، ومنهم مهديّ هذه الامّة.
فقلت : بأبي وامّي يا رسول الله؟ ومن المهديّ؟
قال : يا عمّار إنّ الله تبارك وتعالى عهد إليّ أنّه يخرج من صلب الحسين أئمّة تسعة ، والتاسع من ولده يغيب عنهم ، وذلك قوله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخرون ، فإذا كان آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، ويقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل ، وهو سميّي ، وأشبه الناس بي.
يا عمّار سيكون بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فاتبّع عليّا واصحبه ، فإنّه مع الحقّ والحقّ معه.
يا عمّار إنّك ستقاتل بعدي على صنفين الناكثين والقاسطين ، ثمّ تقتلك الفئة الباغية.
قال : يا رسول الله أليس ذلك على رضا الله ورضاك؟
قال : نعم ، على رضاء الله ورضاي ، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه. فلمّا كان يوم صفّين خرج عمّار بن ياسر إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال له : يا أخا رسول الله أتأذن لي في القتال؟ فقال : مهلا رحمك الله. فلمّا كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه به بمثله ، فأعاد عليه ثالثا ، فبكى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فنظر إليه عمّار ، فقال : يا أمير المؤمنين إنّه اليوم الّذي وصفه لي رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فنزل أمير المؤمنين عليهالسلام عن بغلته وعانق عمّارا وودّعه ، ثمّ قال : يا أبا اليقظان جزاك الله عن نبيّك وعنّي خيرا ، فنعم الأخ كنت ، ونعم الصاحب كنت.
ثمّ بكى عليهالسلام وبكى عمّار ، ثمّ قال : والله يا أمير المؤمنين ما اتّبعتك إلّا ببصيرة ، فانّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول يوم خيبر : «يا عمّار ستكون بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فاتّبع عليّا وحزبه ، فإنّه مع الحقّ والحقّ معه ، وستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين ، فجزاك الله