المهديّ عليهالسلام (١). وقد سعى البعض الآخر من أعداء الأمّة إلى تكرار شبهات أثارها البعض في مراحل متقدّمة حول مسألة المهديّ ، مع أنّ علماء الفريقين قد ناقشوا تلك الشبهات وبيّنوا بطلانها. من أمثال أنّ المهديّ هو عيسى عليهالسلام (٢) ؛ وأنّه من ولد الحسن عليهالسلام (٣) ؛ وأنّ اسم أبيه كاسم أب النّبيّ عليهالسلام (٤). وتساءل بعضهم ـ في تشكيك ـ عن عمره الطويل ، وعن الحكمة في غيبته ؛ بل أنكر بعضهم ولادته أصلا ، وقال : إنّ مسألة المهديّ لا تعدو أن تكون أمرا تواطأ عليه علماء الشيعة في القرن الرابع الهجريّ لحفظ كيان الشّيعة وصونهم عن التفرّق والتمزّق! ... (٥) إلى سواها من التخرّصات الّتي لا تستند إلى حجّة ولا يعضدها دليل.
وهذا الأثر الذي يقدّمه مجمع البحوث الإسلاميّة إلى القرّاء الأعزّاء اليوم إنّما هو مساهمة في ترسيخ هذا المعتقد الأصيل من المعتقدات الإسلاميّة ، كما نطق به القرآن الكريم والأحاديث التفسيريّة والأحاديث المبشّرة بظهور الإمام المهديّ عليهالسلام وبقيام دولته العالميّة المرتقبة : نسأل الله عزوجل أن نفع به ، وأن يوفّق المؤلّف الفاضل لما يحبّه ويرضاه.
__________________
(١) الفيلسوف هنري كاربن : «الشمس الساطعة» ص ٧٠ ومحاورته مع العلّامة الطباطبائيّ صاحب تفسير الميزان.
(٢) اعتمادا على حديث رواه ابن ماجة بإسناده عن محمّد بن خالد الجنديّ ، عن أبان بن أبي صالح ، عن الحسن ، عن أنس عن النّبيّ صلىاللهعليهوآله. وقد ذكر الحاكم في «المستدرك على الصحيحين» (٤ : ٤٤٠) نقلا عن صامت بن معاذ أنّه طلب الحديث فوجده عن محمّد بن خالد الجنديّ ، عن أبان بن أبي عيّاش (المعروف بوضع الحديث) وليس عن أبان بن أبي صالح. ثمّ قال الحاكم : فذكرت ما انتهى إليّ من علّة هذا الحديث تعجّبا ، لا محتجّا به في «المستدرك على الشيخين».
(٣) بناء على رواية يرويها أبو إسحاق السبيعيّ المدلّس عامل بني أميّة ، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، على الرغم من انقطاعها ، وعلى الرغم من أنّ أبا إسحاق لم ير أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقد كان عمره حين استشهد عليهالسلام لا يزيد على السنتين. انظر ترجمته في «التهذيب» ٨ : ٦٣ ـ ٦٧ ، وغيره وقد روّج لهذه الرواية مؤيّد ومهدويّة محمّد بن عبد الله بن الحسن المثنّى.
(٤) مستندين في ذلك إلى رواية مختلقة روّج لها العبّاسيون في بداية أمرهم لدعم مهدويّة المهديّ العبّاسيّ فأخذوا بها على الرغم من أنّ مروّج هذه النّظريّة : المنصور العبّاسيّ قد اعترف حين توطّد ملكه بأنّ ابنه محمّد بن عبد الله ليس هو المهديّ الّذي جاءت بذكره الروايات ، وأنّه إنّما سمّاه المهديّ تيمّنا. انظر «مقاتل الطّالبيّين» ص ١٦٦.
(٥) سيأتي الكلام في هذا الكتاب عن عمر الإمام المهديّ عليهالسلام والحكمة في غيبته ، وعن ولادته والنّصّ عليه من النّبيّ صلىاللهعليهوآله ومن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام.