فيه مع وجود البرء واصابة الاحتمال فمع فرض بناء العقلاء على عدم لزوم دفع الضرر المحتمل لا يلزم منه عدم الوقوع فقس عليه الضّرر الناشى من تنجّز التّكليف فى صورة المخالفة ولزوم الخروج من عهدته فلو سلّمنا جريان طريقة العقلاء على ما ذكر من عدم لزوم الخروج من تبعة العقوبة المحتملة لم يكن ذلك بموجب لدفعها واقعا فلو لم يؤثّر الامتثال الظنّى فى رفع العقاب واقعا وخالف المظنون للواقع وقع فى العقاب ودخل فى تبعة مخالفة الواقع غايته انّه لا يلام عند العقلاء فى وقوعه فى ذلك والحاصل انّ مجرّد كون ديدنهم على عدم لزوم دفع الضّرر المحتمل لا يوجب عدم بقاء شيء من تبعة التّكليف بواسطة الامتثال الظنّى اللهم إلّا ان يقال انّ الغفل الحاكم فى باب الاطاعة والعصيان يحكم بكفاية الخروج عن عهدة التّكليف المعلوم بالامتثال الظنّى ولكنّك عرفت انّ العقل لا يحكم بذلك أبدا فظهر أنّ غير العلم لا يكون مقتضيا مطلقا لا فى مقام اثبات التّكليف ولا فى مقام اسقاطه الأمر الثالث فى معنى الامكان الّذى هو محلّ النّزاع اعلم انّ الامكان يطلق على معان أحدها الإمكان الذّاتى والمراد به ما لا ينافى الوجود والعدم بحسب الذّات ويقابله الامتناع بهذا المعنى كاجتماع النّقيضين والضّدين ولا اشكال فى عدم كون الامكان بهذا المعنى قابلا للمنع والنّزاع اذ لا يتوهّم احد من العقلاء انّ التعبّد بالظنّ يابى عن الوجود بالذّات كاجتماع النّقيضين وعلى هذا فلا مجال لتوهّم انّ الظّن علّة تامّة لعدم الحجيّة بحيث لا يمكن جعل الحجيّة له ويكون امره مع القطع بالتعاكس حيث انّ القطع لا يمكن سلب الحجيّة عنه لانّ حجيّته ذاتيّة بل جعل الحجيّة له بهذا المعنى بمكان من الامكان الثّانى الامكان الوقوعى والمراد به ما لا يلزم من فرض وجوده محذور عقلىّ ويقابله الامتناع بهذا المعنى وهذا هو مورد النّزاع والاشكال اذ بعد ثبوت الامكان الذّاتى يمكن ان ينازع فى امكان وقوعه وامتناعه من جهة التوالى الفاسدة الثالث الاحتمال وهذا ليس موردا للنزاع فانّ الامكان بمعنى الاحتمال ليس من الجهات الواقعيّة للقضيّة بل هو من الامور الوجدانيّة الّتى لا موطن لها الّا الوجدان فهو المرجع فيه وليس محلّ اقامة للبيّنة او البرهان ومن الواضح انّ التّرديد والشّك فى تحقّق شيء حاصل لبعض وغير حاصل للآخر قال الشيخ الرّئيس فى الاشارات نصيحة ايّاك ان يكون تكيّسك وتبرّؤك عن العامّة هو ان تبرّأ منكر الكلّ شيء فذلك طيش وعجز وليس الخرق فى تكذيبك ما لم يستبن لك بعد جليّته دون الخرق فى تصديقك به ما لم تقم بين يديك بنيّة بل عليك الاعتصام بحبل التّوفيق وان ازعجك استنكار ما يوعاه سمعك ما لم تتبرهن استحالته لك فالصواب ان يسرح امثال ذلك الى بقعة الامكان ما لم يذدك عنه قائم البرهان الامر الرّابع لا بدّ من تأسيس اصل يكون عليه