لا عدم وجدانه فيما بقى بايدينا من احكام الله تعالى بعد العلم باختفاء كثير منها عنّا انتهى قوله (اقول ان كان الغرض ممّا ذكر من عدم التخطئة الخ) غرضه قدسسره انّ بناء اهل الشرائع على ذلك انّما يكون من جهة ما ارتكز فى عقولهم مع عدم حكم الشارع بوجوب الاحتياط فهو راجع الى الدليل العقلىّ قلت مضافا الى امكان اختصاص كلام المحقّق بالشبهات الموضوعيّة انّ كلامه ظاهر فى دعوى سيرة جميع اهل الشرائع على البراءة ويكون مراده عين ما قرّره قدسسره من الاجماع العملى من دون نظر الى حكم العقل والحاصل انّ كلام المحقّق ناظر الى ما افاده من انّ سيرة المسلمين بل فى كلّ شريعة على عدم الالتزام والإلزام إلخ ويمكن المناقشة فى السيرتين بعدم معلوميّة كونهما من المتديّنين.
قوله (ويشهد له حكم العقلاء كافّة بقبح مؤاخذة المولى عبده الخ) الاستدلال ببناء العقلاء يرجع ايضا الى حكم العقل والفرق انّما هو بالاجمال والتفصيل فانّ الإنسان اذا قصر عقله عن ادراك شيء او أخطأ بان اعتقد بشيء على خلاف ما هو عليه فى نفس الأمر ثمّ رأى بناء العقلاء كافّة على غير معتقده يعلم اجمالا بخطائه اعتقاده وانّ الحقّ فيما هم عليه فلو توافقا يؤكّد كلّ منهما الآخر ويقدّم بناء العقلاء عند تعارضهما ويتعيّن لو قصر عقله إذا عرفت ذلك فنقول هل للعقل حكم واستقلال بقبح المؤاخذة على الحرمة المجهولة وكذا الوجوب المجهول بعد الفحص واليأس عن الظفر بما يدلّ عليهما فى مظانّه فاذا تفحّص عن التكليف المشكوك بالمقدار المتعارف ولم يظفر بما يدلّ عليه هل يصحّ عند العقل المؤاخذة عليه اذا خالف الواقع اتّفاقا مع احتمال وقوعه فيه بعد الفحص او يكون المؤاخذة عليه عند العقل قبيحا وبعبارة أخرى هل يكون الامر فى الشبهة التحريميّة البدويّة وغيرها من مطلق الشبهات البدويّة بعد الفحص عن الدليل ولو كان اصلا عمليّا واليأس عنها كالأمر فيها قبل الفحص ام يكون الامر على خلافه فكما يرى العقل حسن المؤاخذة من المولى فيها قبله فهل يرى كذلك فيها بعده فانّ من المعلوم كون الاقتحام فى الشبهة قبل الفحص موجبا للذّم واللّوم والمؤاخذة من السيّد حيث انّ العقل لا يكتفى فى الاعتذار بمجرّد الجهل فيها ويرى موضعا للسّؤال بقوله هلّا تعلّمت ومع بقاء المجال لهذا السؤال تكون المؤاخذة مع البيان والعقاب مع البرهان ام لا يرى كذلك بعد الفحص فانّ السؤال عن ذلك ينقطع عند العقل فانّ ما يراه لازما فى ايجاب الذّم والمؤاخذة هو وصول التكليف فاذا احتمله فى مورد وتفحّص عنه ولم يظفر بما يدلّ عليه مع احتماله لثبوته فى الواقع كان ذلك حجّة للعبد على المولى فانّه لا يبقى مجال ح للسؤال المذكور وبالجملة ان راى العقل صحّة العقاب والمؤاخذة فيها بعد الفحص كان ذلك العقاب مع البيان وان لم ير صحّته فيها بعده كان العقاب عقابا بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان وصاحب الذّوق السليم والعقل المستقيم لا بدّ من ان يلاحظ وجدانه ليدرك حكم العقل فى هذه الشّبهة وقد ظهر لك انّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان وعدم قبحه مع البيان ليست من احدى الكبريات المقرّرة وتذكر فى المقام لتطبيق الصغرى