وستعرف انّ انسداد باب الظّن الخاصّ بالاحكام بعد اثبات حجيّة خبر الواحد باطل رأسا قوله (مع انّ العمل بالاحتياط فى المشكوكات) مضافا الى ما عرفته مرارا انّ مقتضى ذلك على فرض تماميّة وجوب العمل بالمظنونات من حيث الاحتياط فى الأحكام الالزاميّة لا العمل بها مطلقا.
قوله (الى الطرق الشرعيّة المذكورة لعدم الوجوب فى بعضها) هو الاحتياط والبعض الآخر التقليد او الرجوع فى كلّ مسئلة الى الاصل الجارى فيها قوله (يوجب خلوّ اكثر الاحكام عن الدّليل) وذلك يستلزم الرجوع فيها الى نفى الحكم وعدم الالتزام به فى الاكثر وهذا هو المحذور المذكور من طرح اكثر الاحكام قوله (ولم يتفطّن انّ مجراها فى غير ما نحن فيه) فانّ الرجوع فيما نحن فيه الى البراءة مستلزم للمخالفة القطعيّة الكثيرة للعلم الاجمالى بثبوت الاحكام وبقائها قوله (بالنّسبة الى قاعدة الاحتياط من قبيل الدّليل الخ) وذلك لانّ مناط حكم العقل بوجوب الاحتياط هو احتمال العقاب ومع اذن الشارع يرتفع هذا المناط وقد عرفت انّ قاعدة نفى الحرج ثابتة شرعا بالادلّة الثلاثة بل وجوب الاحتياط فى المقام لمّا كان موجبا للحرج الاكيد واختلال نظام امر المكلّف كان العقل المستقلّ حاكما برفعه ايضا قوله (اوّلا منع امكانه لانّا علمنا بادلّة نفى الحرج الخ) استشكل عليه بعض حذّاق المحشّين بانّه لو اريد من العلم بادلّة نفى الحرج انّ الواجبات الشرعيّة فى الواقع ليست بحيث يوجب العسر على المكلّف العلم التفصيلى فهو مناف لصريح كلام المصنّف من انّ قاعدة نفى الحرج قاعدة ظنيّة قابلة للتخصيص فى غير ما يوجب الاختلال ولو اريد منه العلم الاجمالى من حيث العلم بارادة بعض الأفراد من كلّ عامّ ومن هنا حكموا بقبح التخصيص المستغرق ففيه انّه لا يجدى فانّه يكفى فيه عدم عسريّة بعض احكام الشّريعة والجواب أنّ مراد المصنّف قدسسره غير هذين المذكورين ومراده كما هو ظاهر العبارة العلم الاجمالى بعدم ثبوت احكام فى الشّريعة موجبة مراعات جميعها للعسر وبعبارة اخرى العلم الاجمالى بعدم ثبوت احكام كثيرة الزاميّة بالغة فى الكثرة الى حدّ يوجب العسر وهذه دعوى صادقة حتّى مع قطع النّظر عن الادلّة الشرعيّة لنفى الحرج وذلك لانّ ثبوت احكام كذلك ينافى اللطف وعليه لا يلزم احد المحذورين المذكورين فى الأشكال قوله (حيث انّا عملنا بالظنّ فرارا عن لزوم العسر) توضيحه انّ العمل بالظنّ كان للفرار عن لزوم العسر فاذا ادّى العمل بالظنّ الى العسر فلا وجه للعمل بالظنّ فانّ العمل به والعمل بالاحتياط مشتركان فى المحذور وهو العسر فلا وجه لترك الاحتياط والاخذ بالظنّ والجواب منع التساوى والاشتراك لانّ العسر اللازم بناء على العمل بالاحتياط وترك الظّن بالغ حدّ الاختلال من جهة مراعات الاحتياط فى المشكوكات والموهومات ايضا بخلاف العسر اللازم على تقدير العمل بالظنّ فانّه غير بالغ حدّ اختلال النظام