مسلك التعارض وامّا بناء على انّ الوجه فى الاحتياط هو ثبوت العلم الاجمالى فجريانه مبنىّ على تنجّز الخطاب المردّد وهذا وان كان هو المختار عند المصنّف ولكن قد خالف فيه جماعة وذكر المصنّف فى التنبيه الرابع من تنبيهات القطع انّ فيه وجوها فراجع ومنه يظهر الكلام فى الصّورة الثالثة ايضا.
قوله (لانّ العلم حاصل بحرمة واحد من امور الخ) قد علمت فى الامر الثالث انّ ملاك تنجّز التكليف فى مورد العلم الاجمالى انّما هو كون واحد من اطراف الشّبهة بحيث لو فرض القطع بكونه الحرام كان التكليف منجّزا بالاجتناب عنه وهذا الملاك حاصل فى صورة الاضطرار الى واحد غير معيّن وان كان الاضطرار قبل العلم الاجمالى اذ لو فرض علمه تفصيلا بكون الحرام الواقعى هو هذا بالخصوص او ذاك لا يمنع الاضطرار المفروض عن الامر بالاجتناب عن المعلوم منجّزا وهذا ظاهر وقد خالف المحقّق المولى الخراسانى ما افاده المصنّف حيث قال فى الكفاية انّ الاضطرار كما يكون مانعا عن العلم بفعليّة التكليف لو كان الى واحد معيّن كذلك يكون مانعا لو كان الى غير معيّن ضرورة انّه مطلقا موجب لجواز ارتكاب احد الاطراف او تركه تعيينا او تخييرا وهو ينافى العلم بحرمة المعلوم او بوجوبه بينهما فعلا انتهى وفيه ما عرفت من ملاك تنجّز التكليف وانّه حاصل فى صورة الاضطرار الى واحد غير معيّن وان كان الاضطرار قبل العلم الاجمالى وقد أوضح ما ذكرناه بعض الأعلام رحمهالله في حاشيته على الكفاية انكارا عليها بقوله لا ينبغى التامّل فى انّ الاضطرار الى المباح لا يجيء من قبله حكم شرعىّ بعنوان ثانوى فهو فى حدّ ذاته يجوز ارتكابه فلا يحتاج بالاضطرار العارض له الى حكم آخر وراء جواز الارتكاب الثابت له شرعا نعم اذا كان الشّيء حراما ذاتا فاضطرّ اليه يكون طريان الاضطرار عليه موجبا للحكم بالجواز شرعا فاذا كان ماء آن احدهما نجس تفصيلا والأخر طاهر فاضطرّ الى شرب احدهما لا يكون هنا حكم شرعىّ لهذا الاضطرار لانّه ليس إلا اضطرارا الى الحرام حتّى يحتاج الى ترخيص شرعى بل الحرام باق على الحرمة والأخر على الاباحة فلو ارتكب الحرام عوقب عليه وان كان يرتفع به الاضطرار وهذا واضح فمجرّد رفع الاضطرار بالحرام لا يصير مضطرّا اليه حتّى يرتفع حكمه فحينئذ لو اشتبه أحدهما بالآخر وكان مضطرّا الى احدهما لا يكون ذلك الاضطرار سببا لترخيص الشارع فيما هو الحرام واقعا لعدم الاضطرار اليه على ما عرفت وليس يجيء من جهة عنوانه حكم شرعىّ فى البين بل العقل لمّا علم بالحرام الواقعى وبالمباح اللازم ارتكابه من جهة الاضطرار اليه واقعا لا يحكم بلزوم امتثال الواقع المحرّم بالعلم التفصيلى بالاحتياط لانّه غير ممكن فى صورة الاضطرار فيحكم حينئذ بالامتثال الاحتمالى او الظنّى كما هو الشّأن فيما لو علم بعدم وجوب الاحتياط للمعلوم بالاجمال بغير هذا النحو فهو حاكم بصحّة العقوبة على الواقع فيما لو ارتكب الأخر بعد ارتكاب احدهما وصادف انتهى والحاصل انّ ما ذهب اليه فى الكفاية هو الّذى اورده المصنّف على كلامه بقوله فان قلت واجاب عنه وملخّص الجواب مضافا الى ما عرفت فأوّلا النقض بموارد الامارات المعتبرة والاصول الشرعيّة المقتضية للاقتصار على بعض محتملات الواقع كالامارات القائمة على تعيين