الخاصّ المتاخّر ظاهرا فى ثبوت حكمه ابتداء كان ظهوره هذا حاكما على ظهور العامّ فى ثبوت الحكم بالنّسبة الى الخاصّ بمعنى أنّه ح يكون قرينة على عدم ارادته من اوّل الامر ومعه فيكون رافعا لاحتمال ثبوت حكم العامّ له من حين صدور العامّ الى حين صدوره المستلزم للنّسخ وان شئت قلت انّ للعامّ المفروض ظهورين الاوّل ظهوره فى ثبوت الحكم لكلّ فرد من افراده الّتى منها الخاصّ فى الجملة والثانى ظهوره فى استمرار ذلك الحكم لموضوعه من حين ثبوته الى الابد ومن المعلوم انّه لا تعارض اوّلا وبالذّات بين هذين الظهورين وانّما جاء الدّوران والتعارض من جهة التعبّد بالخاصّ المتاخّر الّذى هو نصّ فى عدم ثبوت حكم العامّ له من حين صدور الخاصّ ويدور الامر فى الزّمان الفاصل بين صدور العامّ وصدور الخاصّ بين الاخذ بظهور العامّ فى ثبوت حكمه لكلّ فرد فى الجملة ليثبت حكمه للخاصّ فى ذلك الزّمان ولازمه طرح الظهور الآخر وهو ظهور العامّ فى الاستمرار الّذى هو معنى النّسخ والاخذ بظهور العامّ فى الاستمرار ولازمه عدم ثبوت حكمه للخاصّ اصلا وخروجه منه من اوّل الامر الّذى هو معنى التخصيص فإذا فرض ظهور الخاصّ المتاخّر فى ثبوت حكمه من اوّل الشّريعة وخروجه عن حكم العامّ كذلك فلا بدّ حينئذ من رفع اليد عن ظهور العامّ فى ثبوت حكمه لكلّ فرد بالنّسبة اليه وعليه فلا مجال لاحتمال النّسخ قوله (نعم لا يجرى فى مثل العامّ المتاخّر عن الخاصّ) والوجه فى ذلك انّ الظهور فى عموم الحكم لكلّ فرد المستدعى للنّسخ انّما هو فى العامّ والظهور فى استمرار الحكم المقتضى للتخصيص انّما هو فى الخاصّ المتقدّم ويكون الظّهوران المتعارضان فى كلامين قوله ومنها ظهور اللّفظ فى المعنى الحقيقى) وذلك كقول القائل رأيت اسدا يرمى مع قوله ما رأيت اليوم انسانا.
قوله (وتنقلب بعد تلك الملاحظة الى العموم المطلق) كما اذا ورد اكرم العلماء ولا تكرم فسّاقهم ويستحبّ اكرام العدول فانّ النّسبة بين الاوّل والثانى عموم وخصوص مطلق وبينه وبين الثالث عموم من وجه ولا تعارض بين الثانى والثالث فاذا خصّص الاوّل بالثانى بقى تحت الاوّل وجوب اكرام العدول من العلماء فيتعارض الثّالث بالعموم والخصوص المطلقين وانقلب النّسبة بين الاوّل والثّالث مع كونهما فى حدّ ذاتهما بالعموم من وجه بعد التّخصيص الى العموم المطلق واللّازم حينئذ تخصيص الثالث بالاوّل وسيجيء هذا المثال فى الكتاب قوله (فنقول توضيحا لذلك انّ النّسبة بين المتعارضات) لا اشكال فى انّ حكم المتعارضات هو ما تقدّم من حكم المتعارضين من دون فرق اصلا وهو تقديم النّص او الاظهر على الظّاهر ومع عدم التّرجيح فى الدّلالة يرجع الى اخبار العلاج الّا انّه لاجل صعوبة تشخيص موضوعى النّص والاظهر فى المتعارضات فقد يتوهّم فيها نصوصيّة بعضها واظهريّته بالنّسبة الى ما عداه مع انّه فى الحقيقة من الظّاهر وقد يتوهّم فى بعضها انّه من الظاهر مع انّه فى الحقيقة نصّ او اظهر تعرّض لحكم المتعارضات لتشخيص الصّغريات وما يقع فيه الاشتباه قوله (فان كانت النّسبة العموم من وجه وجب الرّجوع) لما مرّ فى المتعارضين من انّ العامّين من وجه يكونان من الظاهرين وليس فيهما ترجيح بحسب الدّلالة نعم قد يكون احدهما اظهر من الآخر من جهات أخر ككونه اقلّ فردا من الآخر او كون مورد الاجتماع اظهر افراده او اغلب