الواقع اذا كان على وجه الالتزام به والاستناد اليه والمفروض خلافه وهو وقوع العمل من حيث كونه مظنونا لا من حيث كونه مطابقا للاصل الواجب العمل وان كان موافقا للواقع ومخالفا للأصل فهذا ممّا لا يتعقّل فى العبادات لتوقّفها على قصد التقرّب الموقوف على علم المكلّف واعتقاده مطلوبيّة ذلك العمل عند الشّارع بحسب الواقع او فى مرحلة الظاهر ولو جهلا مركّبا ولا يجامع احتمال الخلاف والظّن او الشّك بكونه مطلوبا بل والعلم بكونه مخالفا للدليل الظاهرى وأمّا في المعاملات اى فيما لا يحتاج صحّته على قصد الاطاعة والتقرّب فإن كان المخالفة للأصل على نحو يباين مقتضاه ويكون موجبا لطرحه كما فى العقود والإيقاعات الّتى كان الاصل الاوّلى فيها الفساد وكذا الذّبائح حيث انّ الأصل فيها عدم التّذكية فهو ايضا حرام لاستلزام العمل بالظنّ طرح الاصل اللّازم العمل والّا كما فى الأكل والشّرب ممّا كان الاصل الاوّلى فيه الجواز فلا دليل على حرمته لعدم لزوم طرح الواقع لانّه المفروض ولا الدليل الظاهرى لانّ غاية ما افاده هو الجواز لا الإلزام بما ينافى العمل بمقتضى الظّن حتّى يلزم من العمل بالظنّ طرحه ثمّ انّ ما ذكرنا انّما هو حكم العمل بالظنّ وامّا محلّ النّزاع المؤسّس له الأصل هو ما كان العمل به على وجه التديّن به لا مجرّد العمل به الّا انّه يظهر من كلام جماعة فى مقام تأسيس الأصل انّه من محلّ النّزاع ايضا حيث استدلّوا على انّ الأصل فيه الحرمة باستلزامه مخالفة الاصول ولو كان مورد النّزاع عندهم هو خصوص ما لو كان على وجه التديّن به لم يحتج الى هذا الاستدلال لكونه افتراء وتشريعا وهذا كاف فى الحكم بالحرمة من غير حاجة الى استلزامه لمخالفة الاصول فالاستدلال المذكور يكشف امّا عن اختصاص النزاع بما لم يكن على وجه التعبّد او عن تعميمه للعمل به مطلقا.
قوله (بيان ما خرج او قيل بخروجه عن هذا الاصل) لا يخفى انّ حجيّة ظواهر الالفاظ ليست من حيث حصول الظّن بل من جهة بناء العقلاء والظهور العرفى وستسمع فى المتن انّه لا فرق بين افادتها الظّن بالمراد وعدمها ولا بين وجود الظّن الغير المعتبر على خلافها وعدمه فلا وجه لاخراج الاصول اللفظيّة عن تحت قاعدة اصالة حرمة العمل بالظنّ الّا ان يقال انّ بناء العقلاء والظهور العرفى مسبّب عن الظّن النوعى.
قوله (منها الامارات المعمولة فى استنباط الاحكام الخ والغرض هو الاشارة الى انّ المقصود البحث عن الفاظ الكتاب والسّنّة والامارات اللفظيّة المعمولة فى استنباط الاحكام الشرعيّة وليس الغرض الاحتراز عن الامارات اللفظيّة الغير المتعلّقة باستنباط الاحكام لوضوح عدم الفرق بينهما قوله (وكالقرائن المقاميّة الّتى يعتمدها اهل اللّسان) لا مطلق ما دلّ على المراد حتّى القرائن الخارجيّة بحيث لم يكن للّفظ مدخل فيه اصلا كالشّهرة وفهم الاصحاب فلو حصل الظّن بالمراد من جهة انعقاد الشهرة او الاجماع على حكم مطابق لأحد المعنيين المردّد بينهما اللّفظ او على انّ هذا المعنى هو المراد من اللّفظ لم يكن ظنّا مستندا الى نفس اللفظ او الى ما يكتنف به من القرائن المعتبرة فى المحاورات العرفيّة ومن هنا يتّضح بطلان ما تمسّك به بعض