قوله (والاخيرة مختصّة بموارد يحكم العقل بوجوب الاحتياط) لا يخفى انّ احتمال الهلكة الاخرويّة موجود ايضا فى الشبهة البدويّة قبل الفحص فلا وجه للتخصيص فى المقام.
قوله المطلوب فيها الفعل وهى الواجب والمندوب) من الواضح انّ الحكم عبارة عن الوجوب والندب والحرمة والكراهة باعتبار تعلّقها بفعل المكلّف والواجب والمندوب والحرام والمكروه انّما هى افعال المكلّفين الّتى تعلّق بها تلك الاحكام ففي عبارته رحمهالله مسامحة ظاهرة كما سامح ايضا فى اطلاق الحكم الوضعى على ذات السّبب والشرط والمانع الّتى هى موارد للحكم الوضعى والحكم الوضعى عبارة عن السببيّة والشرطيّة والمانعيّة والجزئيّة وهكذا الّتى هى اوصاف قائمة بتلك الذّوات وهذه الاوصاف هى الّتى وقع الخلاف فى انّها متأصّلة فى الجعل ام لا والّا فمن البديهى انّ نفس الذوات غير قابلة للجعل الشرعى قوله (كالدلوك ونحوه ممّا لم يكن السّبب وقتا) اى للمحكوم عليه وكذا المراد من قوله ممّا يكون السّبب وقتا للحكم هو المحكوم عليه ويمكن ان يكون المراد فيهما نفس الحكم لكن باعتبار بقائه وعلى اىّ حال فالمقصود واضح فانّ الدلوك سبب للحكم من غير ان يكون ظرفا للمحكوم عليه بخلاف الكسوف فانّه سبب للحكم وظرف للمحكوم عليه قوله (ثمّ انّه لا بأس بصرف الكلام الى بيان انّ الحكم الوضعىّ الخ) تحقيق المقام يستدعى رسم أمور الأوّل انّه لا ريب فى مبانية الوضع مع التكليف بحسب المفهوم ومن البديهى مبانية الايجاب والاستحباب مع السببيّة والمانعيّة من جهة المفهوم الثانى لا شبهة فى صحّة اطلاق الحكم على الوضع كاطلاقه على التكليف ويشهد بذلك كثرة اطلاقه عليه فى كلماتهم ولا بدّ أن يلحظ ما هو المراد من الحكم عند النافى والمثبت فقد يكون المراد من الحكم خطاب الله المتعلّق بافعال المكلّفين وقد يكون المراد منه المحمول الشرعى الّذى لا سبيل لنا اليه قبل بيان الشّارع وانتسابه الى موضوعه فإن كان المراد هو المعنى الاوّل عند النّافى فهذا مسلّم عند المثبت فانّه يعترف بعدم صحّة اطلاقه بهذا المعنى على الوضع وان كان المراد هو المعنى الثانى عند المثبت فهذا لا ينكره المنكر ويسلّم صحّة اطلاقه بهذا المعنى على الوضع على وجه الحقيقة سواء كان قائلا بانّ الوضع من الامور الواقعيّة او قائلا بانّه من الامور الانتزاعيّة فانّ الوضع على هذين القولين ايضا محمول اخذ من الشارع فقول الشارع الماء طاهر يكشف عن هذا الامر الواقعى الّذى لا سبيل لنا اليه قبل اسناده الى الماء وحمله عليه فيكون محمولا شرعيّا وكذا يكشف عن جواز استعماله فيما يعتبر فيه الطّهور على القول بكون الطّهارة منتزعة من التكليف فيكون هذا الامر الانتزاعى محمولا شرعيّا غاية الامر اختلاف المحمولات بكونها تارة بالضّميمة واخرى خارج المحمول كقولنا السّماء فوقنا والارض تحتنا ومجرّد كون المحمول امرا اعتباريّا لا يوجب عدم صدق المحمول عليه مع كون الخارج المحمول ايضا من افراده ولذا يتطرّق اليه