فان قلت لا وجه لانكار الاطلاق مع حصوله فى قوله سبحانه (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) وعدم تقييده بصورة العلم قلت إنّ المطلوبيّة مستفادة من كلمة الترجّى لا محالة وليس فيها اطلاق لانّه أمر لبّى والاطلاق من اوصاف الالفاظ مضافا الى انّها من الحروف نعم لو قال الشارع احذروا عند الانذار لكان دعوى الاطلاق بملاحظة الجملة بمكان من الامكان قوله (فانحصر وجوب الحذر فيما اذا علم المنذر) التقييد بصورة علم المنذر ليس بالدلالة اللفظيّة من الآية بل مراده هو انّه لمّا كان الموضوع للتفقّه والانذار والحذر فى الآية هو الامور الواقعيّة كان تنجّزها على المنذر بالفتح بحكم العقل مشروطا بحصول العلم كسائر التكاليف المتوجّهة الى المكلّفين المتعلّقة بالواقع فانّ الشّك فى وجود موضوعها يوجب الشّك فى ثبوتها قوله (وكانّ فيه اشارة الى ضعف الاستدلال) لا يخفى انّ هذا الكلام من الشيخ لا اشارة فيه الى ضعف الاستدلال بالآية لانّ مختاره حجيّة اخبار الآحاد مستدلّا بظواهر الآيات الّتى منها هذه الآية كما صرّح به فى الزبدة فهو ره بتلك المقالة يريد تقوية دلالة رواية الحفظ على المدّعى لا تضعيف دلالة الآية عليه وضعف الاستدلال بالرواية عند المصنّف ره لا يوجب توهّم الاشارة المذكورة منه ثمّ لا يخفى انّ دعوى كون الغالب تعدّد من يخرج الى الحجّ من كلّ صقع بحيث يكون الغالب حصول العلم من اخبارهم ممنوعة فى الامصار الكبيرة فضلا عن القرى والبوادى سيّما بالنّسبة الى صدر الاسلام وحين نزول الآية.
قوله (من انّ حرمة الكتمان يستلزم وجوب القبول) تقريب الاستدلال انّ الآية تدلّ على حرمة كتمان المنزل من قبله سبحانه المبيّن فى الكتاب ويتناول الروايات الماثورة ايضا فانّهم عليهمالسلام ما ينطقون الّا بما نطق به الكتاب ومعنى حرمة الكتمان وجوب الاظهار ولا معنى لوجوب الاظهار الّا وجوب قبول ما يظهره المظهر من القول والّا لكان لغوا ولانّه المتبادر عرفا كما فى وجوب الامر بالمعروف والنّهى عن المنكر فانّه لا معنى لوجوب الامر بشيء الّا لزوم الايتمار ولا لوجوب النّهى عنه الّا وجوب الانتهاء عنه.
ويرد عليه ما ذكره المصنّف ره من الايرادين الاوّلين فى آية النّفر وتوضيحه أوّلا انّه اذا امر احد بشيء فامّا ان نعلم من الخارج او من ظاهر اللّفظ انّ الامر فى مقام جعل التكليف لنفس المامور ولم يقصد من الخطاب تكليفا آخرا متوجّها الى غير المخاطب ايضا وامّا ان نعلم من الخارج او من اللفظ انه كما قصد جعل التكليف بهذا الخطاب للمخاطب كذلك قصد منه جعل تكليف آخر لآخر بان اخذهما متلازمين لما بينهما من الارتباط بحيث ينحلّ الخطاب الملفوظ الى خطابين كما فى آية الشهادة والكتمان فانّ امر الشارع باقامة الشهادة وتحريمه كتمان ما فى الارحام على النّساء مع انّ قول الشاهد والمرأة لا يفيد العلم غالبا بل وربما لا يحصل من قولهما الظّن يكون قرينة على انّ غرضه منهما جعلهما طريقا الى الواقع تعبّد او الامر