ثبوت الاذن والترخيص فى الزّمان السّابق مع احتمال كون الفعل حراما وغاية الامر هو رفع قلم التكليف عن الصغير لا ثبوت الأذن والحكم بالاباحة فى المحرّمات فإن قلت ما ذكره المصنّف هنا من عدم صحّة استصحاب البراءة حال الصّغر ينافى مع ما ذكره فى اوّل الاستصحاب فى الامر السّادس فى مقام تقسيم الدليل المثبت للمستصحب من انّ العدم اذا لم يكن مستندا الى القضيّة العقليّة بل كان لعدم المقتضى وان كان القضيّة العقليّة موجودة ايضا فلا بأس باستصحاب العدم المطلق بعد ارتفاع القضيّة العقليّة ومن هذا الباب استصحاب حال العقل المراد به فى اصطلاحهم استصحاب البراءة والنفى وكذلك ما ذكره فى التنبيه الثالث من تنبيهات الاستصحاب قلت لا تنافى بينهما فانّ ما ذكره فى الاستصحاب هو فى مقام توجيه كلمات الأصحاب من انّ المستصحب عندهم هو عدم التكليف لا الحكم العقلى ولا الشرعى المستند الى الحكم العقلى ولا ينافى ذلك عدم صحّة الاستصحاب من جهة اخرى وهى المقصودة فى المقام من انّه لو قلنا باعتبار الاستصحاب من باب التعبّد وقلنا بانّه لا يترتّب عليه ح إلّا اللوازم المجعولة الشرعيّة لا يصحّ الاستصحابات المذكورة قوله (اشبه بالقياس من الاستصحاب فتامّل) الظاهر انّه اشارة الى انّ مع اعتبار الاستصحاب من باب التعبّد والرّجوع الى العرف فى احراز الموضوع وبقائه يمكن القول بانّ العرف يرى بقاء الموضوع فى استصحاب الامر الثابت حال الصّغر ولو مسامحة فتامّل قوله (كما لو دار الامر بين الوجوب والحرمة وفيه ما لا يخفى) لانّ الكلام فيما امكن فيه الاحتياط والمفروض دوران الامر بين الحرمة وغير الوجوب.
قوله (فمن الكتاب طائفتان) استدلال الاخبارى بالكتاب امّا لورود التفسير فى الآيات المذكورة وهو كما ترى مضافا الى انّه استدلال بالخبر وامّا لدعوى نصوصيّتها على ما يظهر من بعضهم من التفصيل بين نصّ الكتاب وظاهره وهى ممنوعة وامّا لالزام الخصم وهذا هو الظاهر ثمّ ان شئت جعلت الكتاب على طوائف الاولى ما دلّ على النّهى عن القول بغير علم الثانية ما دلّ على مطلوبيّة الجهاد كقوله تعالى (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) وقوله تعالى (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) الثالثة الآيات الأمرة بالتقوى كقوله تعالى (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وغيرهما الرابعة الآية النّاهية عن القاء النّفس فى التّهلكة الخامسة الآية الآمرة بردّ ما تنازعوا فيه الى الله.
قوله (ولا يرد ذلك على اهل الاحتياط) ليس دعواهم مجرّد الترك لاحتمال الحرمة بل انّما يحكمون بوجوب الاحتياط فاذا كان هذا الحكم قولا بعلم من جهة ادلّة الاحتياط كان الحكم بالبراءة ايضا قولا بعلم من جهة ادلّة البراءة وهل هذا الّا مثل قول الاخبارى بالبراءة فى الشبهة الوجوبيّة والموضوعيّة.