وقوله تعالى (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) الخ) وجه الاستدلال هو انّ التنازع بمعنى التردّد والشّك لا مجرّد الاختلاف والجواب انّ العمل بالبراءة للادلّة المتقدّمة ردّ الى الله والرسول قوله (وامّا عمّا عدا آية التهلكة فنمنع منافات الارتكاب للتقوى) لانّ المراد من التقوى هو ما يذكر فى تعريف العدالة من انّها ملكة نفسانيّة باعثة على ملازمة التقوى والمروّة وهو فعل الواجب وترك الحرام المحقّقين المعلومين فلا ينافى ارتكاب ما لم يعلم حرمته لا ما يذكر عرفا وهو ترك المشتبهات الواقعيّة ولو كان كذلك كان الامر استحبابيّا لا وجوبيّا كما ياتى فى الاوامر الدّالة على الاحتياط مع انّه لو كان واجبا يلزم التخصيص المستهجن لخروج اكثر الشبهات الموضوعيّة مع انّ سياقه آب عن التخصيص اذ الحسن الداعى للأمر بالتّقوى ليس الّا ما يكون موجودا فى ذاتها من حيث هى لا باعتبار امر خارج فيكون جميع افرادها على نسق واحد لا يقال انّ تخصيص الاكثر يلزم اذا كان عموم العام افراديّا لكثرة افراد الشبهات الموضوعيّة مط بالنّسبة الى افراد الواجبات والمحرّمات المعلومتين والشبهات الحكميّة الوجوبيّة والتحريميّة فيكون المجاز مقدّما عليه وامّا اذا كان عمومه صنفيّا فلا يلزم ذلك لانّ الاصناف على ما ذكرنا خمسة والخارج عن تحته حينئذ الشبهات الموضوعيّة مطلقا وهو لا يلزم المحذور لأنّا نقول اوّلا انّ العامّ ظاهر فى العموم الأفرادي وثانيا أنّ التخصيص الصنفى لا يقدّم على غيره من انواع المجاز وثالثا أنّا قد اشرنا انّ التقوى بالمعنى العرفى لا يشمل الّا الشبهات وهى اصناف ثلاثة فيكون الخارج أكثر وأمّا عدم منافات الارتكاب للمجاهدة فلانّ الجهاد ظاهر فى الجهاد مع اعداء الدّين او الجهاد فى المعارف ولعلّه الظاهر من قوله تعالى (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا) الخ سلّمنا شموله للجهاد مع النفس كما فى بعض الاخبار ولكن يكون الظاهر منه الجهاد فى الواجبات والمحرّمات وعلى فرض كون المراد منه ما يشمل الشبهات يكون غايتها الدّلالة على الرجحان كما تقدّم فى آية التقوى.
قوله (ارتكاب التخصيص فيها باخراج الشبهة الوجوبيّة والموضوعيّة) لا يخفى ان الوقوف حسبما استظهره قدسسره سابقا من كونه كناية عن عدم الحركة بارتكاب الفعل يختصّ بالشبهة التحريميّة فلا يشمل الشبهة الوجوبيّة نعم يشمل الموضوعيّة من التحريميّة إلّا ان يقال انّه يعلم من كلامه هذا كون غرضه فى العبارة السابقة انّ الوقوف عند الشبهة كناية عن عدم ارتكاب الشبهة فعلا كان او تركا واختصاص العبارة بالثانى لانّه المقصود فى المقام ثمّ إنّ اولويّة الحمل على ما ذكره من التخصيص انّه لم يكن من تخصيص الاكثر لكون الاخبار المذكورة آبية عن التخصيص مضافا الى انّ بعضها وارد فى الشبهة الوجوبيّة الحكميّة وبعضها فى الشبهة الموضوعيّة والاستدلال بعموم التعليل فيها مع اخراج الشبهتين يوجب تخصيص المورد قوله ولاصالة عدم تحقّق مانع النكاح) لا يخفى انّ هذا بيان لكون الشبهة موضوعيّة