عليها وعدم تطبيقها بل هى عبارة عن مجرّد استقلال العقل بصحّة العقوبة وعدم استقلاله ولا يتوهّم أنّ المراد بالبيان فى المقام هو اظهار الدليل الدالّ على التكليف وقيامه عليه كما هو المراد منه فى قولنا تاخير البيان عن وقت الحاجة بل المراد بالبيان فى المقام غير ما هو المراد به فى ذاك المقام والحاصل معنى قبح العقاب بلا بيان وعدمه انّ العقل كما يحكم بصحّة المؤاخذة فى الاقتحام فى الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي اذا كان فى اطراف محصورة وفى الشبهة البدويّة قبل الفحص فهل يحكم بصحّتها اذا اتّفق الوقوع على خلاف الواقع فى الشبهة البدويّة بعد الفحص واليأس عن الدّليل فانّ حكم العقل بالصحّة وراى فى الجميع ملاكا واحدا فهو وان رأى فى الاخير ملاكا آخر غير ما كان يرى فى الاوّلين كان العقاب بلا بيان وقد اشرنا الى انّ المراد من البيان ليس هو الأعلام ويشهد بذلك انّ فى الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالى وفى هذه الشبهة قبل الفحص ليس فى البين اعلام واظهار للتكليف ومع ذلك يكون العقاب مع البيان ثمّ الظاهر أنّ العقل فى التكليف المجهول بعد فقدان ما يدلّ عليه من امارة او اصل وبعد الفحص عنهما على النحو المتعارف لا يحكم بلزوم الاحتياط ومراعاة الواقع ويرى العقوبة على فرض مخالفته عقابا بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان وهما قبيحان بشهادة الوجدان وقد يتوهّم أنّ حكم العقل بوجوب دفع الضّرر المحتمل بيان عقلىّ فتكون المؤاخذة على التكليف المجهول مع البيان ويلزم الاحتياط فى الشبهة البدويّة بعد الفحص مطلقا من جهة لزوم دفع الضّرر المحتمل والمتامّل المنصف يشهد بانّه لا يمكن ولا يعقل اثبات لزوم الاحتياط بهذه القاعدة على فرض تسليمها فانّها لا تنطبق الّا على ما كان الضّرر فيه محتملا من الخارج فالقاعدة كبرى لا تجرى فى مورد الّا بعد وجود الصغرى والمفروض انتفاؤها ولا تصلح القاعدة لايجاد الصغرى فانّ الحكم لا يحقّق موضوعه بل لا بدّ من وجود موضوعه وفرضه مقدّما عليه طبعا فلا بدّ من ان يكون الصغرى محرزا من غير نفس القاعدة كما اذا احتمل وجود بئر فى الطريق واحتمل فى سلوكه الوقوع فى البئر فيحكم بعدم سلوكه لقاعدة وجوب دفع الضّرر المحتمل ونفس القاعدة لا تثبت احتمال الضّرر وفى المقام لمّا دلّنا العقل على قبح المؤاخذة على التكليف المجهول فلا نحتمل ضررا حتّى يكون موردا للقاعدة ويحكم بلزوم الاحتياط وبالجملة لو اريد من احتمال الضرر فى المقام العقاب الأخروى فليس للقاعدة صغرى لانّا نقطع من قبل العقل بعدم العقوبة وان لم يحكم العقل بقبح العقاب فلا نحتاج فى لزوم الاحتياط الى هذه القاعدة فانّ الرجوع الى البراءة ليس الّا من جهة تحصيل المؤمّن من العقاب والمفروض عدم حصول المؤمّن فلو لم يكن دفع الضّرر المحتمل بواجب كان اللّازم هو الاحتياط فاذا لم يستقلّ العقل بقبح العقاب لم يكن مجرى للبراءة سواء كان دفع الضّرر المحتمل لازما ام لا فانّ على التقدير الثانى يجب الاحتياط ايضا لعدم كون المكلّف مأمونا من العقوبة هذا كلّه على تقدير كون المراد من الضّرر هو العقوبة واذا كان المراد ضررا غيرها