الحقيقىّ انّما يكون محرّكا اذا اعتقد المكلّف كونه واقعيّا وامّا مع اعتقاده بكونه غير حقيقىّ وغير مراد منه الامتثال حقيقة وانّه لا يلزم منه عقاب على العصيان فلا يعقل ذلك واللازم باطل ضرورة انّه مكلّف بمجرّد قيام طريق او امارة او اصل على ثبوت تكليف فى حقّه فالملزوم مثله قلت غاية الامر انّ بمجرّد قيام شيء من الامور المذكورة على تكليف يتحرّك المكلّف نحو الفعل او التّرك اذا لم يكن بانيا على العصيان ولكنّ الشّأن فى انّ هذه الحركة لم يكن لاجل علمه بكونه تكليفا واقعيّا بل لاجل احتمال امتثاله للتّكليف المحتمل ثبوته فى موارد تلك الامور المنجّز عليه على تقدير الثّبوت فى الواقع فانّ تلك الامور وان لم يحدث فى حقّه تكليفا حقيقة لكنّها يوجب تماميّة الحجّة عليه فى التّكليف الثابت فى مواردها بحيث لا يكون المكلّف معها معذورا فى مخالفته فالمحرّك للمكلّف نحو الفعل او التّرك هو مجرّد احتمال العقاب والمنقول الينا على وجه صحيح انّ شيخنا المرتضى قدسسره كان مختارا اوّلا المصلحة السلوكيّة ثمّ رجع اخيرا الى ترجيح انّ المصلحة فى الامر كما بيّناه وما فى تقريرات بعض الأساتذة المتاخّرين من انّه لم يكن فى اصل العبارة من كتاب الرّسائل لفظ الامر وانّما اضافه بعض اصحابه وعلى ذلك جرت نسخ الكتاب فهو مبنىّ على الحدس وهو خلاف ما وصل الينا من سائر اساتيدنا تنبيهات الاوّل انّه وان عرفت الفرق بين الوجه الثالث والثّانى الّا انّه لا بدّ من زيادة بيان وتوضيح لاجماله ليتجلّى لك الحقّ ان كنت من اهله فنقول لا يكاد يخفى الفرق بينهما فانّ الوجه الثانى كان مبنيّا على سببيّة الامارة لحدوث مصلحة فى المؤدّى غالبة على ما فات من المكلّف من مصلحة الواقع على تقدير تخلّفها وادائها الى غير ما هو الواجب واقعا او غالبة على ما فى المؤدّى من المفسدة على تقدير ادائها الى وجوب ما هو حرام واقعا واين هذا من الوجه الثالث فانّ المؤدّى عليه باق على ما كان عليه ولا يحدث فيه مصلحة بسبب قيام الأمارة عليه وانّما المصلحة كانت فى سلوك الأمارة واخذها طريقا الى الواقع والسببيّة بهذا المعنى عين الطريقيّة الّتى توافق اصول المخطئة بل ينبغى عدّ هذا الوجه من وجوه الرّد على التّصويب بخلاف الوجه الثّانى فانّه من احد وجوهه فانّ مرجع الوجه الثّانى الى انكار وجود الحكم الواقعىّ فى حقّ من قامت الأمارة على خلافه فى الواقع من جهة عدم وجود الجهة المقتضية له واقعا فيكون الحكم الواقعىّ فى حقّه ما افادته الأمارة ومرجع الوجه الثالث الى بقاء الحكم الواقعى على حاله حتّى فى حقّ من قامت الأمارة على خلافه لكون الجهة المقتضية له غير مقيّدة بعدم قيام الأمارة على الخلاف وامّا وجود المصلحة فى العمل بالطّريق فهو غير مانع عن وجود المفسدة واقعا فيما قام على حكمه لانّ معنى التّدارك ليس منع المتدارك بالكسر عن وجود المتدارك بالفتح كيف وهو خلاف قضيّة معنى التّدارك بل هو جبر ما وقع المكلّف فيه من المفسدة من جهة سلوك الأمارة فكيف يعقل اذا ان يكون وجود المصلحة مانعا عن اصل وجود الجهة فى الفعل واقعا فعلى الوجه الثّانى لو علم المكلّف الآتي بالعمل على طبق الأمارة بالتّكليف