فيه اوّلا بانّه مسلّم لو دلّت الآية على جواز العمل بالخبر بمعنى جواز اخذه دليلا ومتّبعا والالتزام بكونه حجّة كما هو محلّ الكلام وهو فى محلّ المنع فانّ غاية ما يستفاد من الآية جواز العمل بمضمون الخبر فى مقام العمل لا الجواز بالمعنى المذكور وبعبارة اخرى تدلّ الآية على مطلوبيّة العمل بمقتضى الخبر لا على مطلوبيّة الاعتقاد بانّه صادر عن الشارع كما مرّ فى الوجه السابق وعلى هذا فلا وجه للتمسّك بعدم القول بالفصل لما تقرّر فى محلّه من اشتراط حجيّته بان يكون القولان نوعين من جنس واحد او فردين من نوع واحد فاذا دلّت الآية على جواز الاخذ فى مقام العمل لا يمكن اثبات الجواز بمعنى الاعتقاد بها حتّى يثبت الوجوب بهذا المعنى ومن الواضح انّ تصوير عدم الفصل هاهنا انّما هو بين الجواز بمعنى الاعتقاد والوجوب كذلك لا بين الجواز بمعنى العمل والوجوب الكذائى ولو سلّم تردّد الآية بين المعنيين لكفى ايضا لبطلان الاستدلال بقيام الاحتمال وثانيا بانّ الثابت فى المقام هو عدم الفصل لا القول بعدم الفصل ويشهد له ما ذكرنا من حسن التحذّر والاحتياط فى الشبهة البدويّة وكونه من المسلّمات عندهم من دون نكير وامّا دعوى انّ كلمة لعلّ بعد انسلاخها عن معناها الاصلى وهو التّرجى تكون ظاهرة فى الايجاب عرفا واعتبارا ففيه اوّلا انّ التحقيق كون لعلّ كسائر الصيغ الانشائيّة وادواتها من التمنّى والاستفهام موضوعة لمعانيها الايقاعيّة الانشائيّة الّتى ينشئها المتكلّم بهذه الصيغ وفى جميع موارد استعمالاتها يستعمل فى انشاء معنى الاستفهام والتمنّى والترجّى لا لمعانيها الواقعيّة الّتى تكون من الصفات والحالات القائمة بالنّفس وينشئ المعنى الاوّل بدواعى عديدة من التهكّم والتقرير والتعجّب وغيرها واختلاف الدواعى لا يوجب تكثّرا فى المعنى والمعنى الموضوع له فى جميعها مفهوم واحد وفى المقام لا يعقل ان يكون الداعى هو الترجّى الحقيقى لاستحالته عليه تعالى فلا بدّ ان يكون الداعى هو محبوبيّة الحذر المجامع مع الندب لمشابهة محبوبيّة الحذر والقبول للترجّى تمام المشابهة من جهة حصوله تارة وعدمه أخرى وغاية ما يمكن ان يقال انّ استعمالها فى غير داعى الترجّى الحقيقى يكون استعمالا على خلاف الوضع لانّها موضوعة لتستعمل فى مورد يكون الداعى هو الترجّى الحقيقى وان لم يكن مجازا اصطلاحيّا بمعنى استعمال اللّفظ فى غير ما وضع له وهذا مع كونه فى حيّز المنع لا يجدى فى دعوى تعدّد المعنى وانسلاخ اللّفظ من معناه الحقيقى وثانيا انّ مع استحالة ارادة الترجّى الحقيقى لا وجه لظهورها فى الايجاب امّا عرفا فلعدم انفهام شيء منها بعد الانسلاخ عرفا الّا مطلق الطلب لظهورها فيه وامّا اعتبارا فلانّه قياس فى اللّغة ومن الواضح بطلانه وامّا منع المقدّمة الثانية فبوجهين الاوّل انّا لو سلّمنا كون التفقّه غاية لوجوب النّفر لا نسلّم استلزام ذلك لوجوب الانذار وكونه غاية اخرى لوجوب النفر حتّى يثبت به وجوب الحذر