بناء على الصرف يلزم عدم حجيّة الظّن بالحكم الواقعى حتّى فى صورة انسداد باب الظّن بالطريق او عدم كفاية ما ظنّ طريقيّته والحال انّ المستدلّ يعترف بحجيّة الظّن المذكور على هذا التقدير فراجع كتاب الفصول قوله (بل وجب عليه العمل بظنّه فى تعيين الحكم الواقعى) اى وجب عليه تخييرا بينه وبين العمل بالظنّ فى تعيين المجتهد لا انّه وجب عليه العمل بظنّه فى تعيين الحكم الواقعى تعيينا لانّ هذا خلاف مرام المصنّف من تعميم النتيجة قوله (عاجز عن الاجتهاد فى الوقائع الشخصيّة فتامّل) لعلّه اشارة الى انّ المراد من عدم جواز عمل القاضى بالظنّ لتشخيص الحقّ الواقعى بين المتخاصمين فى الاشكال والجواب انّما هو عمله بالظنّ فى الوقائع الشخصيّة لا عمله بالظنّ فى موارد الترافع فى الشبهات الحكميّة لتشخيص الحقّ فى الوقائع الكليّة فانّه لا اشكال فى جواز عمله ح بالظنّ سواء كان ظنّا بالواقع او بالطّريق ولعلّه اشارة الى ما ذكره بقوله فانّا لو فرضنا انّ المقلّد يقدر الى آخر كلامه فانّه حكم على هذا التّقدير بوجوب العمل تخييرا وجواز العمل بظنّه فى تعيين الحكم الواقعى مع انّه على التقدير المذكور لا يجوز ايضا للمقلّد فى الاحكام ولا للقاضى فى الموضوعات العمل بالظنّ فى تعيين الحكم الواقعى وذلك للإجماع المذكور فى كلامه فانّ غاية الأمر على التقدير المذكور ارتفاع محذور غلبة المخالفة للواقع لأجل انّ الموضوع فى حكم العقل ليس هو مجرّد الظّن من حيث هو بل من حيث غلبة المطابقة للواقع وامّا الإجماع القائم على عدم جواز عملهما بالظنّ فى نفس الواقع فهو باق بحاله على كلّ تقدير قوله (من جهة انّ الشّارع لم يلاحظ الواقع فى نصب الطرق) قد يتوهّم من العبارة كون المراد واعرض عن الواقع فيستشكل بانّ الأعراض عن الواقع رأسا فى الموضوعات بحيث لو علم بخطاء البيّنة بالنّسبة الى الواقع كانت مع ذلك محكومة بالحجيّة امر مفروغ عن بطلانه عند الكلّ حتّى عند العامّة فانّ النزاع بيننا وبينهم فى مسئلة التخطئة والتصويب يختصّ بالامارات القائمة على الاحكام الشرعيّة الفرعيّة وامّا الموضوعات فقد اتّفقوا على كون المصيب فيها واحدا فانّها ليست قابلة للجعل الشرعىّ ولكنّه توهّم فاسد فانّ المراد من العبارة هو عدم لحاظ الواقع والطريقيّة اليه فى نصب الطرق والاعراض عن هذا اللحاظ فى جعلها للقاضى نظير الاستصحاب حيث يكون اعتباره من باب السببيّة والتعبّد الصرف لا الاعراض عن الواقع قوله (نعلم بوجود الطريق فيها اجمالا مفيدة للظنّ شخصا او نوعا) لا يخفى انّ كلامه هذا مع قطع النظر عمّا سيذكره فى الأمر الثانى من انّ نتيجة دليل الانسداد هى حجيّة الظّن الشخصىّ فقط فلا يتوهّم ثبوت التّنافى بينهما قوله (وثانيا انّ هذا يرجع الى ترجيح بعض الأمارات) حاصله انّ لزوم الأخذ بالامتثالين لا ربط له بكلام المستدلّ حتّى يكون دليلا له فانّه يدّعى صريحا انّ التكليف الفعلى متعلّق بمؤدّى الطريق وان خالف الواقع وهذا امر راجع الى قبول كون نتيجة دليل الانسداد حجيّة الظّن بالواقع وسيجيء تفصيله ولا يمكن ان يقيّد