الشارع قد رخّص الاقدام والاقتحام فى الشبهة بقوله ع كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه ولو كان الاقتحام فى الشبهة بعد الفحص واليأس قبيحا عند العقل فكيف سوّغ الشارع الاقتحام فى القبيح العقلى فترخيصه يكشف عن عدم كونه قبيحا عند العقل والقول بكون ذلك قبيحا مع عدم التدارك وترخيص الشارع يكون مشتملا على التدارك مدفوع بانّ القبيح العقلى الّذى يذمّ على فعله فاعله لو لم يطرأ عليه عنوان حسن يغلب على عنوان قبحه على وجه يستحقّ فاعله المدح لا يمكن ان يصير ماذونا فيه من قبل الشارع ولا يكفى فى ذلك مجرّد طروّ الحسن فى الواقع فانّ فى مقام تاثير العناوين لا بدّ ان يكون العنوان الّذى يوجب مدح الفاعل او ذمّه ملتفتا اليه فلو ضرب اليتيم ولم يكن التاديب حينه ملتفتا اليه وقع الضرب قبيحا وظلما والفعل المشتبه كشرب التتن بعنوان انّه مجهول الحكم اذا كان الاقدام عليه قبيحا ولم يوجد بعد عنوان آخر يلتفت اليه حتّى يصير بذلك العنوان حسنا ويغلب حسنه على قبحه كيف يصحّ اذن الشارع فى الاقدام عليه فيكشف الاذن والترخيص عمّا ذكرناه من منع كبرى هذه القاعدة وعدم استقلال العقل بذلك ولو سلّمنا هذه القاعدة نمنع من انطباقها على المقام فانّ الشارع بعنايته ولطفه اذن لنا فى الاقدام واذنه وترخيصه فى شرب التتن مثلا حال الجهل بحكمه يكشف عن وجود عنوان يغلب على عنوان قبحه فلا يكون ممّا لا يؤمن مفسدته حتّى يكون الاقدام عليه قبيحا فإن قلت إنّ الدليل ح يخرج من العقل ويكون من النقل وهو خلف حيث انّ الحكم بعدم القبح حينئذ يكون من جهة الاخبار الدّالة على الترخيص قلت لا يوجب ذلك كون الحكم حينئذ من جهة النقل بل العقل يستقلّ ح بعدم قبح الاقدام من جهة هذه الاخبار فيكون العقاب على مخالفته عقابا بلا بيان وبالجملة الإقدام على ما لم يعلم حرمته لا يكون قبيحا عند العقل بواسطة ترخيص الشارع هذا مضافا الى عدم كفاية هذه القاعدة فى جميع موارد الشبهة البدويّة فانّ الشبهة الوجوبيّة ليست ممّا لا تؤمن مفسدته حتّى تنطبق عليها فانّ الواجب مشتمل على المصلحة وترك ما فيه المصلحة ليس اقداما على المفسدة ولا مجال فيها للتمسّك بعدم القول بالفصل فانّ الفصل موجود والملاك فى الشبهة التحريميّة معلوم وهو كونه ممّا يحتمل فيه الوقوع فى المفسدة فانّ العقل لا يستقلّ بقبح الاقدام الّا على ما لا يؤمن مفسدته وفى الشبهة الوجوبيّة ليست مفسدة فضلا عن ان تكون غير مأمونة قوله مدفوعة بانّ الحكم المذكور على تقدير ثبوته الخ) لقائل ان يقول انّ الضرر المحتمل على تقدير ثبوته لا يكون اقوى من الضرر المحتمل فى اطراف الشبهة المحصورة والعقاب فيها كما يكون على مخالفة الواقع كذلك فيما نحن فيه بل الظّاهر اطّراد ما ذكرنا فى جميع موارد حكم العقل بدفع الضرر المظنون او المحتمل لانّ هذا الحكم من العقل ارشادىّ لا يترتّب