وذلك يوجب الظّن ببقاء الحكم فلا فرق بين الحكمين فى ذلك وامّا بناء على حجيّته من باب التعبّد فالفرق بين الحكمين الشرعيّين واضح اذ فى المنقوض به امور ثلاثة المناط والموضوع والحكم وامّا فى المنقوض فامران المناط والحكم والموضوع فى المنقوض به الّذى رتّب الشّارع الحكم عليه قد يكون باقيا قطعا مع الشّك فى بقاء المناط وذلك كاف فى جريان الاستصحاب بخلاف المنقوض اذ لم يترتّب الحكم فيه الّا على نفس المناط المعلوم ولمّا كان الشّك فى الحكم دائما مسبّبا عن الشّك فى العلّة والمناط فالشكّ فيه شكّ دائما فى الموضوع قوله (نعم لو علم مناط هذا الحكم وعنوانه المعلّق الخ) وذلك كما لو قال الخمر حرام لانّه مسكر قوله (وممّا ذكرنا ظهر انّه لا وجه للاعتراض على القوم) المعترض هو صاحب الفصول حيث قال واعلم انّه ينقسم الاستصحاب باعتبار مورده الى استصحاب حال العقل والمراد به كلّ حكم ثبت بالعقل سواء كان تكليفيّا كالبراءة حال الصّغر واباحة الاشياء الخالية عن امارة المفسدة قبل الشرع وكتحريم التصرّف فى مال الغير ووجوب ردّ الوديعة اذا عرض هناك ما يحتمل زواله كالاضطرار والخوف او كان وضعيّا سواء تعلّق الاستصحاب باثباته كشرطيّة العلم لثبوت التّكليف اذا عرض ما يوجب الشّك فى بقائها مطلقا او فى خصوص مورد او بنفيه كعدم الزوجيّة وعدم الملكيّة الثابتين قبل تحقّق موضوعهما وتخصيص جمع من الاصوليّين لهذا التّقسيم اعنى استصحاب حال العقل بالمثال الاوّل اعنى البراءة الاصليّة ممّا لا وجه له انتهى قوله (وذلك لما عرفت من انّ الحال المستند الخ) وسيأتى توضيح المقام فى الامر الثالث من التّنبيهات.
قوله (وبين ما يظهر من بعض استدلال المثبتين والنّافين) فانّ من أدلّة المثبتين انّ المقتضى للحكم الاوّل موجود والعارض لا يصلح ان يكون رافعا ومن الواضح انّ هذا الدليل لا يتمّ الّا بشمول النزاع للشكّ فى الرافع والّا فلو كان الخلاف مختصّا بالشكّ فى المقتضى وكان اعتبار الاستصحاب فى الشّك فى الرافع اتّفاقيّا لم يكن الدّليل تامّا ومن أدلّة النّافين انّ الاستصحاب لو كان حجّة لكانت بيّنة النفى اولى لاعتضادها بالاستصحاب بناء على ما يظهر من المصنّف كما سيجيء من ان الشّك فى ارتفاع العدم من الشّك فى الرّافع وللنّظر فيه مجال لانّ العدم ليس امرا يكون له مقتض لبقائه الى زمان الوجود بل هو مستند الى عدم المقتضى للوجود.
قوله (وقابليّته فى ذاته للبقاء كالشكّ فى بقاء اللّيل والنّهار) اذا كان الشّك من جهة الشّك فى طول اللّيل والنّهار وقصرهما فما ذكره واضح وامّا اذا كان الشّك من جهة الشّك فى حصول الغاية وهى استتار القرص وطلوعه مع العلم بانّهما الغاية الرافعة كما فى اللّيل