فى المقدّمات الوجوديّة المفضى تركها الى ترك الواجب حقيقة فواضح فانّ ترك المقدّمة يكون تركا للواجب وامّا المفضى تركها الى ترك الواجب حكما فمن باب حرمة التجرّى لاعتقاد تاركها ترك الواجب معه او احتماله معه وقد عرفت آنفا انّ الالتزام بمقالتهم فى غاية الأشكال وهى خلاف ما اتّفق عليه ظاهر كلمات الأصحاب قوله (ما لم يتلبّس بها وهو ممّا ثبت فى الاخبار العفو عنه) لا تنافى بين كلاميه فانّ مراده من عدم التّاثير هو نفى التّاثير الفعلى بحيث يترتّب عليها الذّم والعقاب فعلا قوله (ويتصوّر محلّ النّظر فى صور منها) لا بدّ من بيان أمرين الاوّل انّهم اختلفوا فى انّ التجرّى هل يحصل بمخالفة الأصول والطّرق والأمارات المثبتة للتّكليف او ينحصر بمخالفة القطع بالواقع والقائلون بالسّببيّة فيها ذهبوا الى الثّانى وانّ مخالفتها معصية حقيقيّة فانّ الشّارع جعلها حجّة فى مقابل الواقع والقائلون بعدمها كما ستعرفه إن شاء الله الله تعالى عند البحث فى كيفيّة جعل الأمارات ذهبوا الى الاوّل وبتحقّق عنوان التجرّى فيها فالقائلون بقبح التجرّى واستحقاقه العقاب بناء على عدم السببيّة لا فرق عندهم بين مخالفة القطع او الطّرق والأصول لانّ المدار فى التجرّى على مخالفة التّكليف المنجّز علما كان او غيره ولا خصوصيّة للعلم فى ذلك لوضوح انّ غيره ايضا منجّز للواقع وبالجملة لا يعقل الفرق بين القطع والظّن المعتبر اذ مع اعتبار الظّن يقطع بتحقّق التجرّى بمخالفته وأمّا مخالفة الظّن الغير المعتبر فلا وجه لتحقّق التجرّى فيه وقد عرفت انّه يشترط فى صدق التجرّى فى الثلاثة الأخيرة من الاقسام الستّة عدم كون الجهل عذرا والّا لم يتحقّق احتمال المعصية وان تحقّق احتمال المخالفة الثّانى الظّاهر انّ الصّور الّتى ذكرها الشّهيد ره لا يكون موردا للتّجرى على وجه الإطلاق امّا الاولى وهى ما لو وجد امرأة فى منزل غيره فظنّها اجنبيّة فلا اشكال فى انّ الاصل فى الوطى هو الحرمة حتّى يثبت خلافه وهذا الموضوع مغاير للموضوعات الّتى يحكم بحليّتها عند الشّبهة فاصابة المرأة المذكورة محرّمة وان كان ظنّه بانّها اجنبيّة غير معتبر لمخالفة الاصل المذكور والاستصحاب فانّ حرمة وطيها كانت متيقّنة فى وقت فيستصحب ويكون المخالفة مخالفة للأصل المعتبر وكذا الكلام فى الصّورة الأخيرة فانّ الاصل فى القتل هو الحرمة وقد علم اهتمام الشّارع بالنّفوس والأعراض وامّا الصّورة الثانية فان كان عالما بسبقها بالطّهارة او اخبرت بانّها طاهرة فلا اشكال فى جواز وطيها والظّن بانّها حائض غير مؤثّر قطعا فانّ هذا الظّن لا اعتبار به فى الموضوعات مطلقا اتّفاقا وعنوان التجرّى ينحصر فيما كان عالما بسبقها بالحيض او اخبرت بانّها حائض وامّا الصّورة الثالثة فان كان الطّعام بيد غيره فلا اشكال فى حرمة اكله فانّ اليد دليل شرعى ويثبت عنوان التجرّى وان لم يكن كذلك فان قلنا بانّ حرمة الأكل مترتّب على العلم