ثانيهما أنّ الادلّة الدّالة على وجوب العمل بالظّنون الخاصّة كآية النّفر والسّئوال وغيرهما عامّة بالنّسبة الى جميع افراد المكلّفين سواء كانوا محتاطين ام لا والحكم بجواز الاحتياط يوجب التّقييد فى تلك الادلّة من دون دليل دالّ عليه فمقتضى اطلاقها انحصار الامر فى الاجتهاد والتّقليد وفى كليهما نظر امّا فى الاوّل فلوضوح انّ التّنزيل انّما هو بلحاظ الأثر الشّرعى فكلّ حكم رتّب على العلم بسبب جعل الشّارع كما لو علمنا بالتّفصيل مثلا وجوب الصّلاة وجب ترتيبه على الظّن ايضا لكونه بمنزلته عنده وامّا الأثر الّذى اقتضاه ذات العلم ولا يمكن جعله فلا يصحّ ترتيبه على الظّن مثل عدم امكان قيام العلم الإجمالي مقام العلم التّفصيلى فانّه بذاته يقتضى عدم تحقّق موضوع الاحتياط ومن هنا علم بطلان ما قاله بعض فى باب الطّلاق من صحّة طلاق المطلّقة رجعيّا لكونها بمنزلة الزّوجة فيجب ترتيب آثار الزوجيّة عليها ومن جملتها صحّة الطّلاق مع انّ من الواضح خروجها عن الزوجيّة الحقيقيّة بالطّلاق الاوّل ولا يصحّ طلاقها ثانيا وامّا فى الثّانى فبانّ من الواضح عدم وجود أداة الحصر فى تلك الادلّة كى تدلّ على حصر الطّريق فى مقام الامتثال ومعرفة الاحكام فى خصوص تلك الظّنون وانّ غيرها ليس طريقا عند الشّارع فدلالتها على الحجيّة امّا ان تكون على نحو الوجوب النّفسى بان يكون الظّن متصرّفا فى الواقع وانّه ليس مطلوبا على وجه الاطلاق بل اذا وصل اليه بالعلم او بالظنّ المعتبر بحيث لو أتى بالواجب على غير هذين الوجهين لم يتحقّق الامتثال وامّا على نحو الوجوب الغيرى بان يكون مطلوبيّة الواقع باقية على حاله وباطلاقه ويكون الوصول اليه مطلوبا باىّ وجه اتّفق ويكون اعتبار الظّن بمعنى كونه موصلا اليه تعبّداً والاوّل لا دليل عليه والظّاهر من اقيموا الصّلاة ونحوه كون الصّلاة مثلا واجبة على الاطلاق باىّ طريق امكن الوصول اليها وتقييد وجوبها بنحو خاصّ لا دليل عليه والثّانى هو الموافق لظاهر اطلاق مطلوبيّة الواقع ويكون العلم الاجمالى فى عرض الظّن المعتبر لامكان الوصول الى الواقع بكلّ منهما بل لو احتاط وكان المفروض حرمة التوصّل بالاحتياط صدق الامتثال بالنّسبة الى الواقع كما هو الحال فى المقدّمات الوجوديّة المحرّمة بالنّسبة الى الواجبات هذا كلّه فى جواز التّكرار مع قيام الظّن المعتبر بل اولويّته على الاخذ بالظنّ الخاصّ ولكن قد عرفت انّ المشهور على خلافه والظّاهر من سيرة الفقهاء عدم حصول الاطاعة بالاحتياط بالتّكرار وان لم يتوقّف الاحتياط على التّكرار فالظّاهر ايضا عدم الاشكال فيه بالاتيان بالاكثر فلو شكّ فى وجوب السّورة مثلا فى الصّلاة لا يجب عليه ازالة الشّبهة وان تمكّن منها بدليل ظنّى معتبر اجتهادا او تقليدا لتحقّق الاطاعة معه كما مرّ فى صورة التمكّن من العلم بل الأمر هنا اوضح للقطع باتيان المأمور به الواقعى بخلاف العمل بمقتضى الظّن التّفصيلى الدالّ مثلا على عدم وجوب السّورة فانّ غايته حصول الامتثال فى مرحلة الظّاهر نعم فى العمل بالاحتياط اخلال بالتّمييز فى الاجزاء لعدم اتيان الجزء على تقدير