آسَفُونا) أغضبونا حقت كلمة العذاب على المجرمين (فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً) السابقين إلى الجحيم (وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) عبرة وعظة لمن يأتي بعدهم.
٥٧ ـ (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) بكسر الصاد بمعنى يصيحون ويصخبون ، وضرب مبني للمجهول ، والمراد بقومك قريش ، والمعنى كما في جوامع الجامع «لما نزل قوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) ـ ٩٨ الأنبياء قيل لرسول الله : ألست تزعم أن عيسى نبي؟ فإن كان هو في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا في النار ، فثار لقريش جلبة وضجيج فرحا وجدلا وضحكا» وفي بعض الروايات أن النبي (ص) قال للمعترض ما أجهلك بلغة قومك؟ أما فهمت أن «ما» لما لا يعقل؟
٥٨ ـ (وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) أي عيسى ، انه خير منها عندك ، فعلام إذن تنكر علينا عبادة الأصنام؟ (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً) ما نقضوا واعترضوا بعيسى إلا تهربا من الحق ، وإلا فهم يعلمون أن المراد من «وما يعبدون» أصنامهم بالخصوص (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) يبالغون في اللجاج والخصومة بالباطل.
٥٩ ـ (إِنْ هُوَ) عيسى (إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) بالنبوة (وَجَعَلْناهُ مَثَلاً) آية على قدرة الله وعظمته.
٦٠ ـ (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) أي بدلكم أيها المشركون (مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) أي يخلفونكم فيها.
٦١ ـ (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) الضمير في أنه للقرآن ، والمراد بالعلم هنا الكشف والبيان ، والمعنى أن القرآن يلقي الأضواء على يوم القيامة ، أحواله وأهواله ، وما أعدّ الله فيه للمطيعين من نعيم ، وللعاصين من جحيم ، وأيضا يقف طويلا مع الذين أنكروا البعث ، ويذكر أقوالهم ، ويجادلهم فيها أشد الجدال (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) لا شك في وقوع الساعة.
٦٢ ـ (وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ) عن الإيمان بالقرآن والبعث.
٦٣ ـ (وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات الدالة على نبوته (قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ) بدين الله وشريعته (لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) كالأحكام الدينية. أما الشؤون الدنيوية كالزراعة والصناعة والتجارة فارجعوا فيها لأهل الخبرة والإختصاص.
٦٤ ـ (إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) وما أنا إلا عبد من عباده أخاف منه أكثر مما تخافون.
٦٥ ـ (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) اختلف اليهود والنصارى في عيسى (ع) ، ثم اختلف النصارى في طبيعته هل هي واحدة أو أكثر (فَوَيْلٌ) لليهود الذين قالوا : هو ابن زنا ، وللنصارى الذين قالوا : هو الله أو ابنه.
___________________________________
الإعراب : (مَثَلاً) مفعول ثان ل (ضُرِبَ) لأن الفعل هنا بمعنى جعل ، وهو يعود الى ابن مريم. و (ما ضَرَبُوهُ) كلام مستأنف ، وما نافية. و (جَدَلاً) مفعول لأجله.