ويشك في أنه آت به أو لا فإن قلنا بالانحلال في مسألة الأقل والأكثر يرتفع عنه هذا الحكم العقلي بسبب الانحلال وإلّا كان مشغول الذمة حتى ياتي الأكثر فاجراء البراءة إنّما هو بالنسبة إلى حال ذكره الحاصل له بعد العمل ليرفع الاعادة عنه. (١)
واستشكل في ذلك بأنّه بعد الاجماع على أنّ لكل أحد خطابا كان خطاب الغافل كخطاب الذاكر لعدم امكان اختصاصه بخطاب غاية الأمر أنّ الخطاب عام والمكلف ما دام غافلا لم يتنجز عليه وبعد الالتفات يتنجز الخطاب بالنسبة إليه ومقتضاه هو وجوب الاعادة مع الاتيان بالجزء المنسي كما ذهب إليه الشيخ الأعظم قدسسره.
وأجاب عنه المحقّق الحائري في الدرر بأنّ دعوى الاجماع بالنسبة إلى الغافل بالموضوع كما هو محل الكلام ممنوعة نعم الغفلة عن الحكم لا توجب اختلاف الحكم وإلّا لزم التصويب وملخص الكلام أنّا نشك بعد ارتفاع العذر أنّ الغافل صار مكلفا بغير المركب الناقص الذي أتى به والأصل عدمه وثبوت الاقتضاء بالنسبة إلى الجزء الفائت لا دليل عليه فالأصل البراءة عنه كما هو الشأن في كل مورد دار الأمر فيه بين الأقل والأكثر. (٢)
ودعوى : أنّ تحقق الامتثال والاطاعة في حقه ممنوع حيث إنّ ما اعتقده من الأمر وتحرّك على طبقه لم يكن في حقه فلا اطاعة حقيقية للأمر حيث لا أمر وأمّا محبوبيته واقعا فكفى بها مقربة له لكنه ما أتى بالفعل بداعي محبوبيته فما يصلح للدعوة المقربة ما دعاه وما دعاه لا واقعيّة له حتى يضاف الفعل إلى المولى بسبب الداعي من قبله. (٣)
مندفعة : بما أفاده شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره من أنّ قصد الأمر من باب الخطأ في التطبيق ومحرّكه في الحقيقة هو أمر المولى أو حبّه فهو قاصد لإتيان ما أتى به سواء كان مأمورا به أو محبوبا فلا وجه مع ما ذكرناه لقوله لكنه ما أتى بالفعل بداعي محبوبيته هذا مضافا إلى أنّ صدق العبادة متقوم بالأمرين الحسن الفعلي والحسن الفاعلي وكلاهما موجودان في مثل
__________________
(١) اصول الفقه / ج ٣ ، ص ٧٢٤.
(٢) الدّرر / ص ٤٩٢.
(٣) تعليقة الاصفهاني / ج ٢ ، ص ٢٨٠.