امكان تخصيص الناسي بالخطاب وقد عرفت امكان ذلك بالتقريب المذكور انتهى وهو حسن بحسب مقام الثبوت وإن لم يكن عليه دليل بحسب مقام الاثبات إذ لم نجد أنّ الشارع قال في حق الذاكر والناسي بنحو الكبرى الكلي الذاكر يفعل كذا وكذا والناسي يفعل كذا وكذا فتدبّر.
ومنها : أنّه يمكن أن يتوجه الخطاب بعنوان آخر عام أو خاص لا بعنوان الناسي والساهي كأن يقال أيّها الذي يكون مزاجك رطوبيا لغلبة اقتران الرطوبة مع النسيان فلا يلزم الاستحالة إذ لا يخرج عن عنوان الناسي أو الساهي بتوجيه الخطاب المذكور إليه.
وفيه أوّلا كما أفاد سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد أنّ العنوان الملازم إنّما أخذ معرفا لما هو العنوان حقيقة والعنوان الحقيقي إنّما هو عنوان الناسي والذي لا بد منه في التكليف امكان الالتفات إلى ما هو العنوان حقيقة فيعود المحذور (١) وثانيا أنّ الغلبة لا توجب جواز الخطاب بالنسبة إلى جميع الموارد بعد فرض انحلال الخطاب فالخطاب محال ولو بالنسبة إلى غير الغالب قال إنّه لا يوجد عنوان كان ملازما خارجيا لا ينفك في الخارج عن عنوان الناسي حتى يصح جعله موردا للخطاب فهذا الجواب لا يسمن ولا يغني من جوع. (٢)
ومنها : ما حكاه بعض الاجلة في تقريراته عن الشيخ قدسسره وحاصله امكان أخذ الناسي عنوانا للمكلف وتكليفه بما عدى الجزء المنسي حيث إنّ المانع من ذلك ليس إلّا توهم أنّه لما لم يمكن للناسي أن يلتفت إلى نسيانه فلا يمكنه امتثال التكليف المتوجه إليه وهو ضعيف بأنّ امتثال الأمر لا يتوقف على أن يكون المكلف ملتفتا إلى خصوص العنوان بل يمكن له الامتثال بالالتفات إلى ما ينطبق عليه من العنوان ولو كان من باب الخطأ في التطبيق فيقصد الأمر المتوجه إليه بالعنوان الذي يعتقد أنّه واجد له وإن أخطأ في اعتقاده والناسي حيث يرى نفسه ذاكرا فيقصد الأمر المتوجه إليه بتخيّل أنّه أمر متوجه إلى الذاكر وهذا نظير قصد
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٤١٥ ـ ٤١٦.
(٢) اصول الفقه / ج ٣ ، ص ٧٢٨.