بالالتفات فلا بدّ من الالتزام بتعدد البعث بعدد ما يتصور من أنحاء نسيان الجزء إطلاقا وتقييدا وهو كما ترى انتهى.
ولكن يمكن الجواب عن المحقّق الاصفهاني قدسسره بما أفاد سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره من أنّ الكلام في تصوير تكليف الناسي بما عدى الجزء المنسي ثبوتا مع قطع النظر عن مقام الاثبات ودلالة الأدلة وأمّا ما ذكره بقوله مضافا إلى أنّه لا تعيّن للمنسي إلى آخره ففيه أنّه يمكن ثبوتا التكليف بعدة من الأجزاء الأركانية مطلقا وبغيرها مقيدا بالالتفات بأن يقال يجب على المكلف الركوع والسجود والقيام ونحوها مثلا ويجب على الذاكر القراءة ونحوها كذلك فتدبّر (١) ولكن عرفت أنّ الإشكال المهم الثبوتي هو الذي أفاده شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره من أنّ تخصيص الخطاب بعد تعميمه للذاكر والناسي بالذاكر ينتهي إلى خطاب الناسي به وهو محال فيعود المحذور لعدم إمكان انبعاثه به.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ الانبعاث حاصل لأنّ الناسي وإن كان غير ملتفت إلى نسيانه إلّا أنه ملتفت إلى أنّ كلما يأتي به إنّما ياتي به بما هو مأمور به غاية الأمر أنّه يتخيل أنّ ما ياتي به مماثل لما اتى به غيره من الذاكرين وأنّ الأمر المتوجه إليه هو الأمر المتوجّه إليهم وعليه فلا اشكال على ما ذهب إليه صاحب الكفاية بحسب مقام الثبوت ولذا قال السيد المحقّق الخوئي قدسسره في ذيل كلام صاحب الكفاية أنّ هذا الوجه متين في مقام الثبوت إلّا أنّه يحتاج في مقام الاثبات إلى ما يدلّ عليه وقد ثبت ذلك في باب الصلاة حيث إنّ الأمر بالأركان فيها مطلق لعامة المكلفين وأمّا بقية الأجزاء والشرائط فالأمر بها مختص بحال الذكر بمقتضى حديث لا تعاد وغيره من النصوص الواردة في موارد خاصة وعليه فالناسي لجزء وإن كان غير ملتفت إلى نسيانه إلّا أنّه ملتفت إلى أنّ كلما يأتي به من الأجزاء والشرائط إنّما ياتي بما هو مأمور به غاية الأمر أنّه يتخيل أنّ ما ياتي به مماثل لما ياتي به غيره من الذاكرين وأنّ الأمر المتوجه إليه هو الأمر المتوجه إليهم ومن الظاهر أنّ ذلك لا يضر بصحة العمل بعد
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٤١٦.