الناس مسلطين على أموالهم بنفسه ليس ضرريا لكنه قد يستغلّه احد الشركين فيعمل هذا الحق الذي ليس بنفسه ضرريا بنحو يوجب الضرر على الشريك الآخر وذلك من قبيل أن لا ياذن لشريكه ان ينتفع بهذه المعين بوجه من الوجوه من بيعها وتقسيم ثمنها أو اجارتها وتقسيم أجرتها أو الانتفاع بها بأيّ نحو من الانحاء فمثل هذا تنفى بقوله (لا ضرار) ولا يلزم من ذلك تكرار إلى أن قال ويؤيد ذلك نفي الفقهاء بالقاعدة جملة من الأحكام التي ليست ضررية في نفسها حتى تكفي في نفيها كلمة (لا ضرر) وإنّما تستغل للاضرار ويتعمد بها الضرر وذلك من قبيل نفي كون الطلاق بيد الزوج حينما يستغل الزوج ذلك في الاضرار. (١)
فالأولى هو أن يقال إنّ كلمة (لا) للنفي في الضرر والضرار كليهما والمقصود بالنفي ليس هو نفي الضرر الخارجي بل الضرر الناشي من جعل الشارع والقرينة على ذلك واضحة وهي ظهور كلام النبي صلىاللهعليهوآله بانه صادر عنه بما هو مشرع ومقنن ولا نظر له إلى الإخبار عن الامور الخارجية لأنّ ذلك خارج عن شأن النبي صلىاللهعليهوآله بل النظر إلى نفي الضرر الناشي من الأحكام الشرعية مطلقا سواء كانت وجودية أو عدمية ولتأكيد نفي الضرر الناشي من الأحكام الشرعية ضم نفي الضرار أيضا والمقصود به كما عرفت هو نفي الضرر الناشي من التعمد والتقصد بالأحكام ولو أنّها ليست في نفسها ضرريا.
وعليه فحديث نفي الضرر كما ينفي الضرر الناشي من الأحكام الشرعية ويكون حاكما بالنسبة إليها إذا كانت ضرريا فكذلك ينفي حديث لا ضرار الأحكام التي يتقصد بها الاضرار وإن لم تكن الأحكام في نفسها ضرريا كما يكون مورد رواية سمرة كذلك فإنّه تقصد بمثل قوله صلىاللهعليهوآله الناس مسلطون على أموالهم لإيجاد الضرر على الأنصاري مع أنّ نفس الحكم لا يكون ضرريا وإنّما تقصد به سمرة الاضرار ويدلّ عليه أيضا مثل قوله تعالى : (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا)(٢).
__________________
(١) مباحث الاصول / ج ٤ من القسم الثاني ، ص ٥٣٣ ـ ٥٣٤).
(٢) البقرة / ٢٣١.