الصدوق في الفقيه بسند مجهول وفي العلل بسند مرسل أو بسند مجهول عن أبي جعفر وعن أبي عبد الله عليهماالسلام ورواه البرقي في المحاسن بسند مجهول وبسند مرسل عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث طويل من قوله عليهالسلام إنّ الله تعالى لم يحرم ذلك على عباده وأحل لهم ما سواه من رغبة منه فيما حرم عليهم ولا زهدا فيما أحل لهم ولكنه عزوجل خلق الخلق وعلم ما تقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحلّه لهم وأباحه تفضلا عليهم به تبارك وتعالى لمصلحتهم وعلم عزوجل ما يضرّهم فنهاهم عنه وحرّمه عليهم إلى أن قال عليهالسلام أمّا الميتة فإنّه لا يدمنها أحد إلّا ضعف بدنه ونحل جسمه وذهبت قوته وانقطع نسله الحديث. (١)
بدعوى أنّ الظاهر منها أنّ علّة حرمة المحرمات هي اضرارها بالنفس فالحرمة تدور مدار الاضرار بالنفس أورد عليه بأنّ التامل فيها يشهد بعدم دلالتها على حرمة الاضرار بالنفس فإنّ المستفاد منها أنّ الحكمة في تحريم جملة من الأشياء كونها مضرّة بنوعها لا أنّ الضرر موضوع للتحريم والذي يدلنا على هذا أمور :
الأوّل : أنّ الضرر لو كان علّة للتحريم يستفاد عدم حرمة الميتة من نفس هذه الرواية لأنّ المذكور فيها ترتب الضرر على إدمانها فلزم عدم حرمة الميتة من غير الادمان لأنّ العلة المنصوصة كما توجب توسعة الحكم توجب تضييقه أيضا هذا مع قطع النظر عن النص الخاص الدال على حرمة غير الادمان.
الثاني : أنّه لو كان الضرر علّة للتحريم كانت الحرمة دائرة مدار الضرر فإذا انتفى الضرر في مورد انتفت الحرمة ولازم ذلك أن لا يحرم قليل من الميتة مثلا بمقدار نقطع بعدم ترتب الضرر عليه مع أنّ ذلك خلاف الضرورة من الدين.
الثالث : أنّا نقطع بعدم كون الميتة لجميع أقسامها مضرة للبدن فإذا ذبح حيوان إلى غير جهة القبلة فهل يحتمل أن يكون أكله مضرا بالبدن مع التعمد في ذبحه إلى غير جهة القبلة وغير مضرّ مع عدم التعمد في ذلك أو يحتمل أن يكون مضرّا في حال التمكن من الاستقبال
__________________
(١) المحاسن / ج ٢ ، ص ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ، الوسائل / الباب ١ من ابواب الاطعمة والاشربة ، ح ١.