أهل المقالات ، فلم يقم أحد إلّا وقد ألزمه حجّته كأنه أُلقم حجراً ، قام إليه علي بن محمد بن الجهم ، فقال له : يابن رسول الله أتقول بعصمة الأنبياء ؟
قال : « نعم ».
قال : فما تعمل في قول الله عزّوجلّ : ( وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ) (١) وفي قوله عزّوجلّ : ( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ ) (٢) وفي قوله عزّوجلّ في يوسف عليهالسلام : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا ) (٣) وفي قوله عزّوجلّ في داود عليهالسلام : ( وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ) (٤) وقوله تعالىٰ في نبيه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) ؟ (٥).
فقال الرضا عليهالسلام : « ويحك يا علي ، اتقِ الله ولا تنسب إلىٰ أنبياء الله الفواحش ، ولا تتأوّل كتاب الله برأيك ، فإنّ الله عزّوجلّ قال : ( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (٦).
وأما قوله عزّوجلّ في آدم عليهالسلام : ( وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ) فإن الله عزّوجلّ خلق آدم حجّة في أرضه وخليفته في بلاده لم يخلقه للجنّة وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض وعصمته يجب أن تكون في الأرض ليتمّ مقادير أمر الله ، فلما أهبط إلىٰ الأرض وجعل حجّة وخليفة
________________
(١) سورة طه : ٢٠ / ١٢١.
(٢) سورة الأنبياء : ٢١ / ٨٧.
(٣) سورة يوسف : ١٢ / ٢٤.
(٤) سورة ص : ٣٨ / ٢٤.
(٥) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٣٧.
(٦) سورة آل عمران : ٣ / ٧.