قومه فأخبرهم أنَّ الله عزَّ وجلَّ كلَّمه وقرَّبه وناجاه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتى سمع كلامهُ كما سمعت.. فاختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربِّه ، فخرج بهم إلى طور سيناء ، فأقامهم في سفح الجبل ، وصعد موسى عليهالسلام إلى الطُّور وسأل الله تبارك وتعالى أن يُكلّمه ويُسمعهم كلامه ، فكلَّمه الله تعالى ذكره وسمعوا من فوقٍ وأَسفلَ ويمينٍ وشمالٍ ووراءٍ وأمام ، لأن الله عزَّوجلَّ أحدثهُ في الشَّجرةِ ، ثم جعلهُ منبعثاً منها حتّى سمعوه من جميع الوجوه.
فقالوا : لن نؤمنَ لكَ بأَنَّ هذا الَّذي سمعناه كلام الله حتىٰ نرى الله جهرةً !! فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا ، بعث الله عزَّوجلَّ عليهم صاعقةً فأخذتهم بظُلمهم فماتوا ، فقال موسى : يا ربِّ ما أقولُ لبني إسرائيلَ إذا رجعتُ إليهم وقالوا : إنَّك ذهبت بهم فقتلتهم لأنَّكَ لم تكن صادقاً فيما ادَّعيت من مناجاة الله إياك ؟ فأحياهم الله وبعثهم معه ، فقالوا : إنك لو سألت الله أن يُريك أن تنظرَ إليه لأجابك وكنت تُخبرنا كيف هو فنعرفهُ حقَّ معرفته.
فقال موسى عليهالسلام : يا قوم إنَّ الله لا يُرى بالأبصار
ولا كيفيَّة له ، وإنَّما يُعرفُ بآياته ويُعلم بأعلامه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتّى تسألهُ ، فقال موسى عليهالسلام : يا ربِّ إنّك قد سمعت مقالة بني إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم ، فأوحى الله جلَّ جلاله إليه : يا موسى اسألني ما سألوك فلن أؤاخِذكَ بجهلهم ، فعند ذلك قال موسى عليهالسلام
: ( رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن
تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ )
وهو يهوي ( فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا
تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ )
بآيةٍ
من آياته ( جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ
صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ )
يقولُ
: رجعتُ إلىٰ معرفتي بك عن جهلِ قومي ( وَأَنَا