أزلاً وأبدا» (١). من هنا دافع إمامنا الرضا عليهالسلام عن مسألة البداء ، وأولاها عناية خاصة وأعتبرها من المسائل الأساسية التي قامت عليها الأديان السماوية.
وجدير بالذكر هو أن أول من نفى القول بالبداء هم اليهود الذين قالوا ـ لعنهم الله ـ : إن يد الله مغلولة ! غلّت أيديهم ولُعنوا بما قالوا. بل هو سبحانه يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.
ومما يكشف عن اهتمام الإمام الرضا عليهالسلام بمسألة البداء حواراته ومناظراته مع أهل الإسلام ، ومن أبرز الشواهد علىٰ ذلك مناظرته مع سليمان المروزي متكلم خُراسان الذي قدم على المأمون فأكرمه ووصله ، ثم طلب منه أن يناظر الإمام عليهالسلام.
وكان عمران الصابىء الذي أسلم ببركة إمامنا الرضا عليهالسلام وأصبح من تلاميذه قد التقى بالمروزي فتحاورا حول البداء وكان المروزي قد أنكره ، فقال المأمون : يا أبا الحسن ما تقول فيما تشاجرا فيه ؟
قال عليهالسلام : « وما أنكرت من البداءِ يا سليمان ، والله عزَّوجلَّ يقول : ( أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ) (٢) ويقول عزَّوجلَّ : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) (٣) ويقول : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (٤) ويقول عزَّوجلَّ : ( يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ) (٥) ويقول : ( وَبَدَأَ خَلْقَ
________________
(١) دفاع عن الكافي / السيد ثامر العميدي ٢ : ١٦٠ وما بعدها.
(٢) سورة مريم : ١٩ / ٦٧.
(٣) سورة الروم : ٣٠ / ٢٧.
(٤) سورة البقرة : ٢ / ١١٧ ، وسورة الأنعام : ٦ / ١٠١.
(٥) سورة فاطر : ٣٥ / ١.