على مضض ولاية العهد ، ولكن وفق شروط محددة تحكيها الرواية التالية :
عن محمد بن عرفة وصالح بن سعيد الكاتب الراشدي قالا : .. فلما وافىٰ ـ أي الرضا عليهالسلام ـ مرو عرض عليه الامرة والخلافة فأبى الرضا عليهالسلام ذلك ، وجرت في هذا مخاطبات كثيرة وبقوا في ذلك نحواً من شهرين كل ذلك يأبى ابو الحسن الرضا عليهالسلام ان يقبل مايعرض عليه ، فلما كثر الكلام والخطاب في هذا قال المأمون : فولاية العهد ، فأجابه إلى ذلك ، وقال له : « على شروط أسألها » ، فقال المأمون : سل ما شئت ، قالوا : فكتب الرضا عليهالسلام : « إني أدخل في ولاية العهد على أن لا آمر ولا أنهى ولا أقضي ولا اُغير شيئاً مما هو قائم ، وتعفيني من ذلك كله » ، فأجابه المأمون إلى ذلك وقبلها على هذه الشروط.. (١).
وسوف يتضح لنا من الشواهد التاريخية أن الإمام عليهالسلام لم يقبل ولاية العهد إلّا مضطرّاً وبعد التهديد والوعيد الشديدين ، ويظهر أن المأمون أراد من الإمام عليهالسلام أن يكون فريسة سهلة توقع نفسها في براثنه ، ولكن الإمام عليهالسلام كشف اللثام عن أهداف المأمون وما يختلج بنفسه من نوايا سيئة وأسقط القناع عن وجهه ، حتىٰ قال عليهالسلام ذات يوم للمأمون : « .. إني لأعلم ما تريد » فقال المأمون وما اريد ؟ قال : « الأمان على الصدق ؟ » ، قال : لك الأمان. قال : « تريد بذلك أن يقول الناس ان علي بن موسى الرضا عليهماالسلام لم يزهد في الدنيا ، بل زهدت الدنيا فيه ، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة ؟ » فغضب المأمون ثم قال : انك تتلقاني أبداً بما أكرهه وقد أمنت سطوتي ، فبالله اُقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلّا أجبرتك على ذلك ،
________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٦١ ، ح ٢١ باب (٤٠).