فإن فعلت وإلّا ضربت عنقك.
فقال الرضا عليهالسلام : « قد نهاني الله تعالى أن اُلقي بيدي إلى التهلكة ، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك ، وأنا أقبل ذلك على أن لا اُولّي ولا أعزل أحداً ، ولا أنقض رسماً ولا سنة ، وأكون في الأمر من بعيد مشيراً » ، فرضي منه بذلك وجعله ولي عهده على كراهية منه عليهالسلام بذلك (٢).
وهكذا نجد أن إمامنا وجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر : إما القتل ، أو القبول ، فاقترح حلاً توفيقياً ، هو القبول المشروط. أراد أن يوحي للمأمون بأن الأسد قد يقع حبيسا ولكن لايجعله الأسر عبداً ، من هنا حدد شروطه بحيث لا تضفي الشرعية على الحكم القائم ، فوجد المأمون نفسه مضطراً إلى قبولها.
كما اجرى امامنا حواراً اقناعياً مع المأمون ، وبدلاً من اذعان الأخير للحق والمنطق احتكم إلى القوة ولوّح بها ، ولعل أوضح وأصرح تعبير عن ذلك ما جاء عن أبي الصلت الهروي : ان المأمون قال للرضا عليهالسلام : فاني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك. فقال له الرضا عليهالسلام : « إن كانت هذه الخلافة لك ، والله جعلها لك ، فلايجوز لك أن تخلع لباساً ألبسك الله وتجعله لغيرك ، وإن كانت الخلافة ليست لك فلايجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك » ، فقال له المأمون : يابن رسول الله ، فلابدّ لك من قبول هذا الأمر.
فقال : « لست أفعل ذلك طائعاً أبداً » ، فما زال يجهد به أياماً حتى يئس من قبوله ، فقال له : فإن لم تقبل الخلافة ولم تجب مبايعتي لك فكن
________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٥١ ، ح ٣ ، باب (٤٠).