أن تتقلص شعبيته لمشاركته بالحكم ولإظهاره من قبل السلطة بأنه لم يكن زاهداً في الحكم ، وانطلاء هذه الحيلة على البعض ، فقد ازدادت شعبيته ، وحاول خرق الحصار المفروض عليه فاستطاع التواصل مع أوساط لم تكن لتجرؤ على الاتصال به.
من جانب آخر حاول المأمون احراج الإمام عليهالسلام أمام علماء الأديان والمذاهب والملل ، والانتقاص من قدر ومنزلة الإمام واظهاره بمظهر العجز عن الإجابة فلما قدم علي بن موسى الرِّضا عليهالسلام
إلى المأمون أمر الفضل بن سهل أن يجمع له أصحاب المقالات مثل الجاثليق ورأس الجالوت ورؤساء الصّابئين والهربذ الأكبر وأصحاب زردشت وقسطاس الرُّومي والمتكلمين ليسمع كلامه وكلامهم ، فجمعهم.. قال الحسن بن محّمد النَّوفلي : فلما مضى ياسر التفت الرضا عليهالسلام
إلينا ، ثمَّ قال لي : « يا نوفليّ أنت عراقيّ ، ورِقةُ العراقيِّ غيرُ غليظةٍ ، فما عندك في جمع ابنِ عمِّك علينا أهل الشرك وأصحاب المقالات ؟ » فقلتُ : جُعلت فداك
يريد الامتحان ويُحبُّ أن يعرف ما عندك ، ولقد بنى على أساس غيرِ وثيق البنيان وبئس والله مابنى.. فقال لي : « يانوفليُ ، أتحبُّ أن تعلم متى يندم
المأمون ؟ » ، فقلتُ : نعم. قال : «
إذا سمع احتجاجي على أهل التَّوراة بتوراتهم ، وعلى أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وعلى أهل الزَّبور بزبورهم ، وعلى الصّابئين بعبرانيتهم ، وعلى الهرابذةِ بفارسيتهم ، وعلى أهل الرُّوم بروميَّتهم ، وعلى أصحاب المقالات بلُغاتهم ، فإذا قطعتُ كلَّ صنف ودحضت حُجَّتهُ وترك مقالتهُ ورجع إلى قولي ، عَلِمَ المأمونُ أنَّ الموضع الذي هو بسبيله ليس هو بمستحقٍّ له ، فعند ذلك تكونُ النَّدامةُ منهُ ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليِ