زمانهم.
وكان الإمام عليهالسلام في كل مناسبة يكشف عما يجيش في نفسه من مشاعر الألم والحسرة ويعبر عن تبرمه وتذمره من هذه البيعة المفروضة ، وتغلف وجهه سحابة من الحزن والمرارة : عن ياسر الخادم ، قال : كان الرضا عليهالسلام إذا رجع يوم الجمعة من الجامع وقد اصابه العرق والغبار رفع يديه ، وقال : « اللهم إن كان خروجي مما أنا فيه بالموت فعجله إليَّ الساعة » ، ولم يزل مغموماً مكروباً إلى أن قبض (١).
ومما زاد من وطأة الإحساس بالضيق والظلم أن المأمون دس عيونه وآذانه لمعرفة تحركات الإمام وأخذ الجواسيس يحصون عليه أنفاسه ، ويحجبون عنه شيعته ومواليه ، فقد روى الصدوق أن هشام بن ابراهيم الراشدي الهمداني كان ينقل اخبار الرضا عليهالسلام إلى ذي الرياستين والمأمون ، فحظي بذلك عندهما ، وكان لايخفي عليهما من أخباره شيئاً ، فولاه المأمون حجابة الرضا عليهالسلام فكان لايصل إلى الرضا عليهالسلام من أحبّ وضيق على الرضا عليهالسلام وكان من يقصده من مواليه لايصل اليه ، وكان لايتكلم الرضا عليهالسلام في داره بشيء إلّا أورده هشام على المأمون وذي الرياستين (٢).
ولايخفى ان من أهداف المأمون عزل الإمام عليهالسلام عن شيعته ومواليه ووضعه تحت الاقامة الجبرية في خراسان تحت نظر السلطة وسمعها ، وعزله عن القاعدة الجماهيرية. وقد فشلت هذه السياسة فشلاً ذريعاً ، فبدلاً من
________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٨ ، ح ٣٤ ، باب (٣٠).
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٦٤ ، ح ٢٢ ، باب (٤٠).