فيها بأن الإمام لم يدخل العهد طائعاً ، قال : واللّه ما دخل الرضا عليهالسلام في الأمر طائعاً ، ولقد حمل إلى الكوفة مكرهاً ، ثم أشخص منها على طريق البصرة وفارس إلى مرو (١).
وتوجد شهادة جماعية من أهل المدينة ، التي كان يسكنها الإمام عليهالسلام ـ وأهل البيت أدرى بالذي فيه ـ تصور الحالة النفسية التي كان يعانيها امامنا ، وتكشف عن شدة الضغوط التي تعرض لها لكي يقبل ولاية العهد.
عن غياث بن أسيد ، قال : سمعت جماعة من أهل المدينة يقولون : ملك عبد الله المأمون.. فأخذ البيعة في ملكه لعلي بن موسى عليهالسلام بعهد المسلمين من غير رضاه ، وذلك بعد أن هدده بالقتل وألح عليه مرة بعد أخرى ، في كلها يأبى عليه ، حتى أشرف من تأبّيه على الهلاك ، فقال عليهالسلام : « اللهم انك نهيتني عن الالقاء بيدي في التهلكة ، وقد أُكرهت واضطررت كما أشرفت من قبل عبد الله المأمون على القتل متى لم أقبل ولاية عهده ، وقد أُكرهت واضطررت كما اضطر يوسف ودانيال عليهماالسلام قَبِل كل واحد منهما الولاية من طاغية زمانه ». ثم قبل ولاية العهد من المأمون وهو باك حزين (٢).
فهذا النص يكشف عن درجة الضيق والإحراج والإكراه التي تعرض لها ، كما يعزز أسلوب « السوابق التاريخية » الذي اتبعه في سبيل تبرير قبوله بولاية العهد ، وكنا قد أشرنا سابقاً بأنه علل حمله على القبول كما حمل جده أمير المؤمنين عليهالسلام على الدخول بالشورى ، وفي هذا النص يبرر اضطراره كما اضطر يوسف ودانيال عليهماالسلام على قبول الولاية من طاغيتي
________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٥٢ ، ح ٥ باب (٤٠).
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٨ و ٢٩ ، ح ١ ، باب (٣).