وأعبد الناس.. » (١).
من جانب آخر كشف لنا عن الآثار الكونية للإمامة ، وأن الأرض لا تخلو من إمام هدىٰ : عن الحسن بن علي الوشا ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليهالسلام : هل تبقى الأرض بغير إمام ؟ فقال : « لا » فقلت : فإنّا نروي : أنها لا تبقى إلّا أن يسخط الله على العباد ، فقال : « لا تبقى ، إذاً لساخت » (٢).
وتتبدّى لنا أهمية جعل الله أولي الأمر ، والأمر بطاعتهم ، من الرواية التي ذكرها الفضل بن شاذان ، وقال أنه سمعها من الإمام الرضا عليهالسلام ، وأذن لعلي بن محمد بن قتيبة النيسابوري روايتها عنه عن الرضا عليهالسلام ، ومن يقف طويلاً عندها يدرك عمق أغوار فكر الإمام الرضا عليهالسلام ، وهو فكر له السبق والريادة على علماء الاجتماع السياسي الذين انتقدوا النظرية « الفوضوية » القائلة بعدم حاجة الناس الى الحكومة ، وأكدوا على ضرورة وجود أولي الأمر لمصالح كثيرة ؛ دينية واجتماعية وسياسية ، وقد اقتبسنا من هذه الرواية الأسطر ذات الدلالة الآتية : « .. فإن قال قائل : فلِمَ جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم ؟ قيل : لعلل كثيرة ، منها : أن الخلق لما وقفوا على حد محدود ، وأُمروا أن لا يتعدوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم.. يجعل عليهم فيه أميناً يمنعهم من التعدي والدخول فيما حظر عليهم ، لأنه لو لم يكن ذلك لكان أحد لايترك لذته ومنفعته لفساد غيره ، فجعل عليهم قيماً يمنعهم من الفساد ، ويقيم فيهم الحدود والأحكام ».
________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٩٢ ، ح ١ ، باب (١٩) ، كشف الغمة ٣ : ٨٢.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٤٦ ، ح ٣ ، باب (٢٨).