ومما يكشف عن تفاعل الإمام عليهالسلام العميق مع قضية الإمام المهدي (عجل الله فرجه) أن « دعبل الخزاعي » لما أنشده قصيدته العصماء حول أهل البيت عليهمالسلام التي أوَّلها :
مدارس آياتٍ خلت من تلاوة |
|
ومنزلُ وحي مقفر العرصات |
فلمَّا انتهى « دعبل » إلىٰ قوله :
خروج إمام لا محالة خارج |
|
يقوم علىٰ اسم الله والبركات |
يميّز فينا كل حقٍّ وباطل |
|
ويجزي على النعماء والنقمات |
بكىٰ الرِّضا عليهالسلام بكاءاً شديداً ، ثم رفع رأسه إلىٰ دعبل وقال كلاماً مفعماً بشحنة عاطفية كبيرة ، وكاشفاً في الوقت نفسه عن الدور المستقبلي الكبير الذي يضطلع به الإمام المهدي (عجل الله فرجه) ، قال عليهالسلام : « .. يا خزاعيُّ ، نطق روح القدس علىٰ لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الإمام ومتىٰ يقوم ؟ » فقلت : ـ والكلام لدعبل ـ لا يا مولاي ، إلّا أنّي سمعت أن إماماً منكم يُطهّر الأرض من الفساد ويملأها عدلاً كما مُلئت جوراً.
فقال : « يا دعبل ، الإمام بعدي محمّدٌ ابني ، وبعد محمّد ابنه عليٌّ ، وبعد عليٍّ ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره ، لو لم يبقَ من الدُّنيا إلّا يومٌ واحدٌ لطوَّل الله عزَّوجلَّ ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً » (١).
وهكذا نجد أن القضية المهدوية قد اكتسبت أهمية فائقة في ذكر وسلوك الإمام الرضا عليهالسلام فقد سبر غورها بعمق وحدد معالمها وقدم الرؤية
________________
(١) إكمال الدين / الشيخ الصدوق ٢ : ٣٧١ باب (٣٥).