سيف ، فقد بويع لك وضربت الدَّراهم بإسمك ، فقال : « ما منَّا أحدٌ اختلفت إليه الكتب وسئل عن المسائل وأشارت إليه الأصابع وحملت إليه الأموال إلّا اغتيل أو مات علىٰ فراشه حتىٰ يبعث الله عزَّوجلَّ لهذا الأمر رجلاً خفيَّ المولد والمنشأ غير خفيٍّ في نسبه » (١).
مما تقدم يظهر لنا أنّ الإمام الرضا عليهالسلام يكرس الفكرة المهدوية ضمن إطارها التاريخي وليست مجرّدة عنه ، فقد كشف النقاب عن الظروف التاريخية الضاغطة المحيطة به ، والتي حالت أو تحول دون قيامه هو والأئمة من قبله ومن بعده بحركة تغييرية كبرىٰ ، وأفصح بأن قيام كل إمام قبل المهدي (عجل الله فرجه) كان يعرضه للاغتيال أو الموت المحتم أو الموت البطيء علىٰ فراش الموت.
فلا يُجدي ـ والحال هذه ـ العمل المكشوف ، لكن الظروف الخفية التي سيتحرك فيها الإمام المهدي (عجل الله فرجه) وبتخطيط رباني سوف تؤتي ثمارها المرجوّة إن شاء الله في تحقيق العدالة العالمية.
ونتيجة لكل ذلك كان الإمام الرضا عليهالسلام يُسدي نصائحه لشيعته بالتزام التقية ويثني أحسن الثناء على من تمسك بها في مرحلة الغيبة.
ولكن الشارع الشيعي المعبأ بقوة الأمل ، كان يتساءل علىٰ الدوام عن الفرج ، فكان الإمام عليهالسلام يتجاوب مع أماني المسلمين العريضة بظهور المهدي (عجل الله فرجه) بعبارات تبعث الأمل والرَّجاء ، ولكنه في نفس الوقت يوصي بالتزام الصبر وانتظار الفرج ، وعدم ترك التقيّة. ويُلفت نظرهم بأن الظهور تبدو معالمه من اختصاص الغيب.
________________
(١) إكمال الدين / الشيخ الصدوق ٢ : ٣٧٠ / ح ١ باب (٣٥).