كما ترى ، وأضعف منه ما في التهذيب وبعض نسخ المقنعة من أنه لا يجوز السجود إلا لطاهر من النجاسات بلا خلاف ، إذ لا نعرف له مستندا في غير الحيض يعارض إطلاق النصوص ومعاقد الإجماعات ، بل ولا فيه إلا صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله (١) عن الصادق عليهالسلام « سألته عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد السجدة إذا سمعت السجدة؟ فقال : تقرأ ولا تسجد » وخبر غياث (٢) المروي عن مستطرفات السرائر من كتاب محمد بن علي بن محبوب عن جعفر عن أبيه عن علي عليهمالسلام « لا تقضي الحائض الصلاة ولا تسجد إذا سمعت السجدة » وهما ـ مع موافقتهما للتقية من أكثر الجمهور كما في المنتهى ، وقصور سند الثاني ، واحتمال الأول الإنكار ، والنهي عن سبب السجود ، والتخصيص بغير العزائم ، وبالسماع دون الاستماع على أن يراد بالنهي حينئذ رفع الوجوب ـ قاصران عن مقاومة ما ذكرنا من وجوه ، ومن العجيب نفيه الخلاف في التهذيب كما عرفت ، وحمله خبر الوجوب بعد ذلك على الاستحباب ، اللهم إلا أن يريد سجودا آخر غير سجود التلاوة ، أو يريد نفي الوجوب من نفي الجواز كما حملوا كلامه في الاستبصار عليه ، فيوافق حينئذ من عبر من الأصحاب بالجواز بناء على إرادته المعنى الأخص منه كما صرح به في المبسوط في الحائض والجنب جمعا بين النصوص ، وفيه أنه لا مقاومة حتى يجمع بذلك ، مع أنه لا تعارض فيما دل على وجوبه للجنب ، ولعل مراد من عبر بالجواز من الأصحاب ولم يتبعه بما يعين المعنى الأخص ما لا ينافي الوجوب ردا على القائل بالحرمة من العامة ، كقولهم : يجوز في الأوقات المكروهة ، ويومي اليه أيضا استدلالهم عليه بما يقتضي الوجوب ، فيكون القول بها حينئذ نادرا ، ولذا قال في المنتهى : لا يفتقر إلى طهارة بل يجوز السجود للجنب والمحدث والحائض ، وعليه فتوى علمائنا ، بل الظاهر إرادته ما يشمل الوجوب منه ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الحيض ـ الحديث ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الحيض ـ الحديث ٥.