به عن توظيف القنوت بعد ظهور النصوص باعتبار اللفظ في القنوت المنصرف إلى العربي وإن لم يكن لفظ مخصوص ، فارادة معنى الدعائية الذي هو معنى العبودية والخضوع والخشوع والاعتراف بالقصور ونحوها مما لا مدخلية لخصوص لغة فيها لا تقتضي الاجتزاء بذلك عن القنوت ، وكأنه من هنا نشأ الوهم في الاجتزاء باعتبار أنه لا مجال لإنكار مطلوبية معنى الدعائية من كل مكلف الذي أشار إليه الإمام عليهالسلام بقوله (١) : « إليك عجت الأصوات بفنون اللغات » وقد ورد (٢) في القنوت « انه لا شيء فيه موقت » فظن منهما الاكتفاء فيه بالفارسية وغفل عن إرادة الشارع اللفظ فيه ، إلا أنه لم يقيده بلفظ مخصوص ، وهو منصرف إلى العربي ، ويومي اليه قول الصادق عليهالسلام للحلبي (٣) لما سأله « عن القنوت في الوتر هل فيه شيء موقت يتبع ويقال؟ : لا ، أثن على الله عز وجل وصل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم واستغفر لذنبك » ضرورة ظهوره في أن المراد من نفي التوقيت عدم لفظ مخصوص من اللغة العربية.
ويشهد لذلك كله أيضا أن المتجه حينئذ بناء على شمول مثل هذه الإطلاقات لسائر اللغات الاكتفاء بالفارسية ونحوها في الذكر في الركوع والسجود وغيرهما مما وجب فيه مطلق الذكر الشامل لسائر اللغات ، ولم يلتزمه أحد ، بل أطبقوا بحسب الظاهر على عدم الاجتزاء بها في كل واجب وإن لم يكن المكلف به لفظا مخصوصا ، قال العلامة الطباطبائي بعد البيت السابق :
وكالدعاء كل ذكر
قد ندب |
|
واقطع بحظر في
الذي منه يجب |
وقال الفاضل في القواعد : ويجوز الدعاء بغير العربية مع القدرة ، أما الأذكار
__________________
(١) هذه الجملة مذكورة في دعاء الحسين عليهالسلام في عشية عرفة وفيه « بصنوف » بدل « بفنون ».
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب القنوت ـ الحديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب القنوت ـ الحديث ٢.