يقنت حينئذ في الركعة الأولى ، وأطال في رده ، وكأنه لم يعثر على من عبر بالإمام غيره ، وما أدري ما الذي أوهمه من عبارة المحقق حتى ادعى عليه ذلك الذي لا أثر له في شيء من النصوص والفتاوى ، بل هي صريحة في خلافه حتى الذي ذكره منها في المعتبر أيضا ، وليس فيه إلا قوله : والذي يظهر أن الامام يقنت قنوتين إذا صلى جمعة ركعتين ، ومن عداه يقنت مرة جامعا كان أو منفردا ، ويدل على ذلك رواية أبي بصير (١) ثم ذكر رواية سماعة (٢) وصحيحة معاوية (٣) ورواية عمر بن حنظلة (٤) وهو كما ترى لا دلالة فيه على ذلك ، خصوصا والمعروف من لفظ الإمام في هذه المقامات إمام الجماعة دون غيره.
وكذا ما أنكره على العلامة في المنتهى حيث قال فيه بعد ذكر جملة من النصوص السابقة : وهذه الأخبار وإن اختلفت في الوجه الأول أي القنوتين فلا يضر اختلافها إذ هو فعل مستحب ، وذلك يحتمل الاختلاف لاختلاف الأوقات والأحوال ، فتارة تبالغ الأئمة عليهمالسلام في الأمر بالكمال ، وتارة تقتصر على ما يحصل معه بعض المندوب ، ولا استبعاد في ذلك ، ومما يؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن داود بن الحصين (٥) قال : « سمعت معمر بن أبي رئاب يسأل أبا عبد الله عليهالسلام وأنا حاضر عن القنوت في الجمعة قال : ليس فيها قنوت » وعن عبد الملك بن عمرو (٦) « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : قنوت الجمعة في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعد الركوع فقال : لا قبل الركوع ولا بعد » فها هنا اقتصر على فعل الصلاة من غير قنوت إشعارا باستحبابه وأنه ليس قنوتا واجبا ، وهو كلام جيد جدا مبني على إرادة المستحب في المستحب من الإطلاق والتقييد ولو في خصوص المقام بشهادة
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب القنوت الحديث ١٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب القنوت الحديث ٨.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب القنوت الحديث ١.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب القنوت الحديث ٥.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب القنوت الحديث ١٠.
(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب القنوت الحديث ٩.