وهو مع منافاته لإطلاق الأمر بالعدد في حسني مسمع قول غريب لم يسبق اليه ولا أظن أحدا يلحقه عليه ، ولم أعلم ما الذي صده عما ذكرناه ، مع أنه هو المتجه في الجمع بين الأدلة كما لا يخفى على من أحاط خبرا بما مر.
ولا أظنك تحتاج بعد إلى الجواب عن باقي النصوص المدعى دلالتها على التسبيح مع أن الذي في كثير منها انما هو السؤال عما يجزي من التسبيح ، وهو إن لم يكن فيه إشعار بعدم التعيين فلا دلالة فيه عليه قطعا ، كما أن ما فيها أيضا من أنه يجزئك ثلاث تسبيحات مثلا كذلك ، نعم ربما كان في بعضها نوع دلالة إما من جهة الأمر أو غيره لكن يجب الخروج عنه بملاحظة النصوص الأخر ، بل يمكن دعوى إمكان الخروج عنه بالتأمل فيها ، كخبر الحضرمي (١) المشتمل على بيان حد الركوع ، ضرورة القطع بإرادة بيان الحد في الفضل والاستحباب ، وكذا غيره من الأخبار ، بل ربما قيل : إن المراد بالتسبيح فيها المعنى المصدري الشامل لكل ما يفيد التنزيه لا خصوص « سبحان الله » مثلا وإن كان هو خلاف المنساق من أمثال هذه المصادر كالتهليل والتكبير والاستغفار وغيرها ، لكنك خبير أنا في غنية عن ذلك كله ، إذ لو فرض اشتمال النصوص على الأمر بالتسبيح صريحا لوجب حمله على التخييري ، للجمع بينه وبين غيره ، خصوصا مع ظهور الأدلة في أنه الأصل في ذكر الركوع والسجود ، وأنه الأفضل من غيره ، فلا بأس بتعلق الأمر به ، بل يمكن حمل فتاوى قدماء الأصحاب المقتصرة عليه على ذلك ، فتخرج المسألة عن الخلاف حينئذ حتى من قال منهم : إن من لم يسبح فلا صلاة له ، لاحتمال إرادته المعنى المصدري أو المبالغة أو غير ذلك كما يومي اليه في الجملة ما سمعته من عبارة الأمالي.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب الركوع ـ الحديث ٥ و ٧.