القلم رفع الأحكام الإلزاميّة كالوجوب والحرمة ، فالمكروه أيضا كالمستحبّ ليس مرفوعا عنه ، فبناء على هذا لو صام في شهر رمضان استحبابا ، أو في غيره من الأزمنة التي يكون الصوم فيها مستحبّة ، وهو كلّ أيّام السنة إلاّ المنهيّ عنه ، والمؤكّد منها أيّام خاصّة ، كصوم أيّام الليالي البيض ، ويوم الغدير وصوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر ، وهو أوّل خميس منه ، وآخر خميس منه ، وأوّل أربعاء من العشر الثاني ، ويوم السابع عشر من ربيع الأوّل ، ويوم السابع والعشرون من رجب ، ويوم دحو الأرض ـ وهو اليوم الخامس والعشرون من ذي العقدة ـ إلى غير ذلك من الأيّام التي يستحبّ فيها الصوم ، فالمكروهات في حال الصوم مكروه في حقّه ، كالاكتحال والسعوط وشمّ الرياحين وغير ذلك.
كما أنّ أقسام الصوم المكروه كصوم يوم عاشوراء بناء على كراهته أيضا مكروه عليه ، كما أنّه لو صار جنبا بإدخاله في امرأة قبلا أو دبرا ، أو إدخال الغير فيها قبلا أو دبرا يكره عليه كلّ ما يكره على الجنب.
والحاصل : أنّ المكروهات كالمستحبّات غير مرفوع عنه ، فتكون في حقّه مكروها كالبالغين ، إلاّ أن يكون دليل الكراهة مخصوصا بالبالغين ، وذلك كالملاعبة مع زوجته في حال الصوم خوفا من الإنزال ، فهذا التعليل يوجب اختصاص هذا الحكم بالبالغين.
ثمَّ إنّه بناء على مشروعيّة عبادات الصبيّ غير البالغ المميّز لا وجه للقول بعدم جواز استيجاره للصلاة ، أو الصوم ، أو الحجّ عن الميّت ، بناء على ما هو المفروض من كون فعله ذا ملاك تامّ كالبالغين ، وإنّما ارتفع اللزوم إرفاقا ورأفة بهم ، فيمكن للصبيّ المميّز أن ينوب عن الميّت ، ويأتي بما على عهدته ، ويفرغ ما في ذمّته ، لأنّه لا خلل ولا نقصان في فعله.
فعدم الجواز وعدم الإجزاء لا يبقى له مجال ، ولو كان دليل على اشتراط البلوغ