منها : ما روى عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « الميسور لا يسقط بالمعسور » (١).
منها : أيضا عنه عليهالسلام : « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (٢).
وهذه الروايات الثلاث لكثرة اشتهارها بين الفقهاء وعملهم بها لا يحتاج إلى التكلّم عن سندها ، أو الإشكال عليه بالضعف.
وعمدة الكلام هو التكلّم في دلالتها
فنقول :
أمّا الحديث الأوّل المرويّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فتقريب الاستدلال به على هذه القاعدة هو أنّه لا شكّ في أنّ مرجع الضمير في كلمة « منه » هو الشيء المأمور به ، فتكون كلمة « من » ظاهرة في التبعيض ، لأنّ الشيء المأمور به له بالنسبة إلى قدرة المكلّف حالات ثلاث : فتارة يكون تمامه مقدورا ، وأخرى تمامه غير مقدور ، وثالثة يكون بعضه مقدورا وبعضه غير مقدور.
أمّا على الأوّلين فحاله معلوم ، فيجب إتيان تمامه على الأوّل ، ولا يجب عليه شيء على الثاني.
وأمّا على الثالث فثلاث صور : الأوّل إتيان تمامه ، وهذا لا يجب قطعا ، لأنّه تكليف بما لا يطاق. الثاني : عدم إتيان تمامه. الثالث : التبعيض بوجوب الإتيان بالمقدور منه فقط.
وهذا الأخير هو مفاد القاعدة ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فأتوا منه ما استطعتم » ظاهر في هذا الأخير.
__________________
(١) « عوالي اللئالي » ج ٤ ، ص ٥٨ ، ح ٢٠٥.
(٢) « عوالي اللئالي » ج ٤ ، ص ٥٨ ، ح ٢٠٧.