ومن الواضح الجليّ أنّ قوله عليهالسلام : « الميسور لا يسقط بالمعسور » ليس إخبارا عن أمر خارجي ، بل هو في مقام التشريع يحكم ببقاء موضوعيّة الميسور من كلّ مركّب كان موضوعا لحكم شرعي على ما كان ، وعدم سقوط موضوعيّته بتعذّر بعض أجزائه ، سواء كان حكمه السابق هو الوجوب ، أو كان هو الاستحباب.
وأمّا ما قيل : من أنّ حكمه السابق هو كان الوجوب النفسي الضمني ، وهو في ضمن وجوب الكلّ ، فإذا ارتفع الوجوب عن الكلّ لتعذّر بعض أجزائه فيرتفع ذلك الوجوب الضمني عن الباقي قهرا ، ولو كان هناك بعد ذلك وجوب فهو الوجوب النفسي الاستقلالي ، وهو غير ذلك الوجوب الضمني ، فموضوعيّته ارتفع قهرا ولا معنى لعدم سقوطه ، ولو فرضنا أنّه كان له مثل الحكم السابق ، فهذا حكم جديد وموضوعيّة جديدة.
ففيه : ما قلنا في بعض صور جريان الاستصحاب في هذه المسألة ، أنّه على تقدير وجوب الباقي بعد تعذّر بعض الأجزاء فليس هذا وجوبا آخر ، بل هو عين الوجوب السابق.
وأمّا كونه ضمنيّا في السابق واستقلاليّا بعد حدوث تعذّر بعض الأجزاء لا يوجب تغيّرا في وجوب الباقي. والضمنيّة والاستقلاليّة مفهومان ينتزعان عن وجوب ما عدا الباقي وعدم وجوبه ، وبهذا الوجه أجرينا الاستصحاب الشخصي ، واعتمدنا عليه ودفعنا جميع الإشكالات.
ثمَّ إنّه بعد ما ظهر لك دلالة هذه الرواية على مفاد هذه القاعدة ، وشمولها للمركّب الواجب والمستحبّ ، أقول : إنّه يعتبر في مقام إجراء هذه القاعدة كسائر القواعد إحراز موضوعها ، وتشخيص أنّ الباقي بعد تعذّر البعض ميسور ذلك المركّب الكلّ ، لأنّ موضوع الحكم بعدم السقوط هو كون الباقي المتمكّن منه ميسورا لذلك المركّب ، فلا بدّ وأن يكون من مراتب ذلك المركّب ، غاية الأمر ولو كان إحدى مراتب النازلة منه كي