طريقا إلى ثبوت تذكيته ، أو أصلا تنزيليّا ، ولا بعد في ذلك ، من جهة غلبة كون اللحم الموجود في مثل هذه السفرة المطروحة في بلاد الإسلام من القسم المذكّى ، ولذلك حكم أمير المؤمنين عليهالسلام بجواز وحلّية أكل ما فيها من حيث التذكية لكونها مطروحة في بلاد الإسلام ، والتقويم وتغريمهم لما فيها لصاحب السفرة إذا جاء ، لقاعدة احترام الأموال إن كان المالك مسلما ، لقوله عليهالسلام : « حرمة مال المسلم كحرمة دمه » (١). أو لقاعدة : « من أتلف مال الغير فهو له ضامن » وإن لم يكن المالك مسلما لكن كان في ذمّة الإسلام ، أو كان من المعاهدين مع المسلمين.
ونتيجة ما ذكرنا هو أنّه إذا اشترى من سوق المسلمين ، أو وجد في أراضيهم التي كلّ أهلها مسلمون أو كان للغالب عليها المسلمون ، وكان شاكّا في تذكيته ، فكونه في سوق الإسلام وكذلك كون ذلك اللحم أو الجلد في أراضيهم موجب للحكم بأنّه مذكّى.
وهذا فيما إذا لا يعلم أنّ البائع ليس بمسلم واضح ، سواء أكان معلوم الإسلام أو كان مجهول الحال.
وأمّا إذا علم بأنّه ليس بمسلم ، ولكن يحتمل أنّه تلقّاه من يد مسلم مع فرض أنّ السوق سوق الإسلام ، كما أنّه إذا اشترى جلدا أو لحما من نصراني في بغداد ، ويحتمل أنّه تلقّاه من يد مسلم ، فبناء على كون السوق أمارة في عرض اليد ، فلا بدّ من القول بأنّه في حكم المذكّى.
وبناء على أنّه أمارة على الأمارة ، فمع العلم بأنّه غير مسلم ليس للسوق أثر. اللهمّ إلاّ أن يقال بأحد أمرين : إمّا تقييد أماريّة السوق بعدم كونه في يد غير المسلم ، أو يقال بأنّه كما أنّ سوق المسلمين أمارة على التذكية كذلك يد الكافر أمارة على عدم
__________________
(١) « الكافي » ج ٢ ، ص ٢٦٨ ، باب السباب ، ح ٢ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ٣٧٧ ، ح ٥٧٨١ ، باب النوادر ( من ألفاظ موجزة للنبي ( ص ) ، ح ١٩ ، « المبسوط » ج ٣ ، ص ٥٩ ، كتاب الغصب ، « مسند أبى يعلى الموصلي » ج ٩ ، ص ٥٥ ، ح ٥١١٩ ، مسند عبد الله بن مسعود ، الديلمي في « الفردوس » ج ٢ ، ص ١٤٣ ، ح ٢٧٢٧.