كما إذا كان الشرط عملا يبذل بإذائه المال ، كخياطة ثوبه مثلا ، أو عمارة داره وأمثال ذلك ، ولكن عند التدقيق أيضا لم يقع شيء من الثمن في مقابله في مقام الإنشاء ، وإن كان في مقام اللبّ للمشروط له نظر إلى ذلك الشرط في مقام تعيين الثمن قلّة وكثرة.
ولكن في مقام إنشاء المبادلة والمعاوضة لم تنشأ المبادلة إلاّ بين نفس العوضين ، والشروط خارجة عن دائرة المبادلة ، ففي عالم الإنشاء عوض تمام الثمن ـ مثلا ـ هو تمام المبيع ، وإن كان في مقام اللبّ يبذل مقدارا من الثمن بإزاء الشرط ، ولكن لا اعتبار في باب المعاوضات بأنظار المتعاملين ، بل المدار على إنشائهما ، وهو المتّبع.
نعم حيث أنّ التزامه بهذه المبادلة ـ أي بذله تمام الثمن بإزاء المبيع ـ كان منوطا بوجود ذلك الشرط ، فلو لم يوجد بأيّ سبب كان لا التزام له ، فلا لزوم ويكون له الخيار ، ولذلك قلنا في باب تخلّف الشروط الصحيحة ليس له أخذ الأرش ، بل له الخيار فقط.
وثانيا : على فرض تسليم وقوع مقدار من الثمن مقابل الشرط وبإزائه مطلقا ، أو في خصوص ما إذا كان الشرط ممّا يبذل بإزائه المال مستقلا بتعذّره أو عدم وفاء المشروط عليه بما التزم ، لا يصير العوض مجهولا ، إذ العرف وأهل الخبرة يعيّنون مقدار المقابل للشرط وما هو بإزاء أصل المبيع مثلا ، فلا يبقى جهالة في البين.
وهذا الإشكال يأتي في الشروط الصحيحة إذا تعذّرت أو لم يف المشروط بها ، وأيضا يأتي في باب تبعّض الصفقة ، فيلزم القول ببطلان المعاملة في الجميع ، ونفس المستشكل لا يقول به هناك.
والجواب في الجميع واحد ، وهو أوّلا : عدم وقوع شيء من الثمن بإزاء الشرط. وثانيا على تقدير وقوعه ـ كما أنّه يقع قطعا مقدار منه مقابل الجزء الذي لا يملك أو الذي لا يملكه ، كما في باب تبعّض الصفقة ـ فبتعيين أهل الخبرة ترتفع الجهالة ، ومثل هذه الجهالة لا تكون غررا ، ولا تضرّ بصحّة المعاملة ، ولذلك لم يقولوا ببطلان المعاملة