وفيه : أنّه من الممكن أن يكون النهي عن هذه المعاملة مع صحّتها لحزازة فيها كسائر المعاملات المكروهة ، ولا إشكال في كون معاملة صحيحة يترتّب عليها الأثر ، ومع ذلك تكون مكروهة. ونظائرها في المعاملات كثيرة ، فهذه الرواية لا تدلّ على فساد الشرط ، فضلا عن فساد العقد.
وقد تقدّم أنّ القائلين بعدم كون الشرط الفاسد مفسدا للعقد أيضا تمسّكوا بهذه الرواية. والحقّ أنّها لا تدلّ على كلّ واحد من الطرفين ، كما بيّنّاه وشرحناه.
ومنها : ما رواه الحسين ابن منذر عن أبي عبد الله عليهالسلام في بيع العينة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : يجيئني الرجل فيطلب العينة ، فاشترى له المتاع مرابحة ، ثمَّ أبيعه إيّاه ، ثمَّ أشتريه منه مكاني؟ قال : « إذا كان بالخيار إن شاء باع وإن شاء لم يبع ، وكنت بالخيار إن شئت اشتريت وإن شئت لم تشتر ، فلا بأس » فقلت : إنّ أهل المسجد يزعمون أنّ هذا فاسد ، ويقولون إن جاء به بعد أشهر صلح؟ قال : « إنّما هذا تقديم وتأخير فلا بأس » (١).
وتقريب الاستدلال بهذه الرواية ـ على أنّ الشرط الفاسد مفسد للعقد ـ هو أنّ مفهوم القضيّة الشرطيّة أنّه إن لم يكن بالخيار وكان ملزما بأن يبيع على البائع ، ففي هذه المعاملة بأس ، أي فاسد ، ومنشأ فسادها هو اشتراط البائع على المشتري أن يبيعه بعد اشترائه منه ، وهذا الشرط فاسد ، لما تقدّم في شرائط صحّة الشروط في قاعدة : « المؤمنون عند شروطهم » (٢) ، فصار سببا لفساد العقد.
وبعبارة أخرى : البيّاع المذكورون في هذه الرواية ثلاثة : البائع الأوّل هو الذي يبيع المتاع مرابحة من هذا السائل عن الإمام قدسسره ، ولكن فرض هذا البائع أجنبيّ عن مسألتنا ، وإنّما فرض لأجل أنّ الجنس لم يكن عنده ، ففي الحقيقة البائع اثنان ، وظاهر
__________________
(١) « الكافي » ج ٥ ، ص ٢٠٢ ، باب العينة ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ٥١ ، ح ٢٢٣ ، باب البيع بالنقد والنسيئة ، ح ٢٣ ، « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٣٧٠ ، أبواب أحكام العقود ، باب ٥ ، ح ٤.
(٢) راجع : ج ٣ ، ص ٢٥٧.