ولكن أنت خبير بأنّ العقد تعلّق بالمقيّد ، والرضاء المتجدّد تعلّق بالعقد المجرّد ، فما تعلّق به العقد ـ أي المقيّد ـ لم يتعلّق به الرضا ، وما تعلّق به الرضا المتجدّد ـ أي المجرّد ـ لم يتعلّق به العقد ، والمعتبر هو أن يكون ما تعلّق به العقد يكون متعلّقا للرضا كي يصدق عليه أنّه تجارة عن تراض.
وأمّا القول بأنّ العقد تعلّق بالذات وبالقيد أيضا ـ فهاهنا تعلّقان : تعلّق بالذات ، وتعلّق آخر بالقيد ، فلو قال : اشتريت منك هذا العنب بشرط أن تعصره لي خمرا ، والتزم الطرف بذلك ، فكان ها هنا تعهّدان من البائع : أحدهما نقل العنب إلى ذلك المشتري ، ثانيهما أن يعصره خمرا ، والمشتري قبل كذلك ورضى به ، فلما منع الشارع عن العمل بأحد التعهّدين ـ والممتنع الشرعي كالعقلي ـ بقي تعهّد نقل العنب فقط ، ولكن المشتري لم يرض بهذا التعهّد وحده ، أي بانتقال العنب إليه وحده من دون أن يعصره البائع خمرا ، فيبقى العقد المتعلّق بنقل العنب وحده ـ أي : تعهّده بذلك ـ موقوفا على رضا المشتري بذلك. والظاهر أنّ مراد العلاّمة قدسسره من الإيقاف هو هذا المعنى ـ فهو رجوع من القول بالإفساد إلى القول بعدمه ، وقد تقدّم تفصيل ذلك ، وهو المختار.
هذا كلّه لو كان مدرك القائلين بالإفساد هو عدم الرضا بالعقد المجرّد عن الشرط ، وأمّا لو كان مدركهم جهالة عوض المبيع ، لأنّ للشرط قسط من الثمن ، وقد تقدّم تفصيل ذلك ، أو كان مدركهم الروايات ، فالرضا المتجدّد وإن كان يرتفع به جهالة الثمن ، لأنّه يرضى بكون تمام الثمن في مقابل نفس المبيع ـ مثلا ـ بدون ذلك الشرط ، ولكن صرف هذا لا يصدق عليه التجارة ، ولا بدّ من وقوع العقد عليه ، وقد عرفت عدم وقوعه عليه.
وأمّا بالنسبة إلى مفاد الروايات على تقدير دلالتها على الإفساد وصحّة سندها ، فمفادها أنّ ذلك العقد الذي وقع من حيث اشتماله على الشرط الفاسد باطل ، فكأنّه لم يكن ولم يوجد. وقلنا : إنّ صرف رضائه بالانتقال المجرّد عن الشرط لا يجعله معاملة وتجارة عن تراض بدون عقد جديد ، لأنّ العقد الأوّل بناء على هذا انعدم في عالم