الظاهر : أنّه تكون قرينة على إرادة الحبس فيما إذا يعلم باشتراط التأبيد في الوقف ، وأمّا تعين المراد ـ وأنّه قصد الحبس ولم يقصد الوقف ـ بأصالة الصحّة ، فممّا لا ينبغي احتماله.
وأمّا إذا قلنا بأنّهما حقيقة واحدة ، وكلاهما عبارة عن حبس الأصل وتسبيل الثمرة ، غاية الأمر أنّ الواقف مشروط صحّته بأن يكون حبس الأصل دائميّا حتّى يرث الله السماوات والأرض ، فيكون حبسا بلا كلام ، لأنّ المفروض أنّه لا امتياز بينهما إلاّ بالتوقيت وعدمه ، فإنّ الوقف غير موقّت والحبس موقّت ، فإذا وقّته يكون حبسا ، ويكون حال هذه المسألة حال عقد الدوام والانقطاع وعدم ذكر الأجل.
فكما أنّه هناك بناء على أنّ الزوجيّة في الدائمة والمنقطعة حقيقة واحدة ، والفارق بينهما ليس إلاّ بذكر الأجل في المنقطعة دون الدائمة ، فإذا لم يذكر الأجل وإن كان نسيانا تقع دائمة وإن قصد الانقطاع ، لأنّهما حقيقة واحدة. فكذلك ها هنا إذا لم يذكر التأبيد بل وقّته بوقت معيّن قليلا كان أو كثيرا ، فلا محالة يكون حبسا.
ويمكن أن يستدلّ لكونه حبسا أيضا بصحيحة عليّ بن مهزيار ، قلت له عليهالسلام :
روى بعض مواليك عن آبائك عليهمالسلام أنّ كلّ وقف إلى وقت معلوم فهو واجب على الورثة ، وكل وقف إلى غير وقت جهل مجهول فهو باطل مردود على الورثة ، وأنت أعلم بقول آبائك عليهمالسلام؟ فكتب عليهالسلام : « هكذا هو عندي » (١).
وصحيح محمّد بن الحسن الصفّار قال : كتبت إلى أبي محمّد عليهالسلام أسأله عن الوقف الذي يصحّ كيف هو؟ فقد روي أنّ الوقف إذا كان غير موقّت فهو باطل مردود على الورثة ، وإذا كان موقّتا فهو صحيح ممضى ، قال قوم : إنّ الموقّت هو الذي يذكر فيه أنّه وقف على فلان وعقبه ، فإذا انقرضوا فهو للفقراء والمساكين إلى أن يرث الله الأرض
__________________
(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٣٦ ، باب : ما يجوز من الوقف والصدقة. ، ح ٣١ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢٣٧ ، ح ٥٥٦٩ ، باب : الوقف والصدقة والنحل ، ح ٣ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٣٢ ، ح ٥٦١ ، باب : الوقوف والصدقات ، ح ٨ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٠٧ ، في أحكام الوقوف والصدقات ، باب ٧ ، ح ١.