البرّ؟ وجوه بل أقوال :
وبيان الرجوع إلى المالك أو ورثته هو أنّه لو قلنا بأنّ حقيقة الوقف صرف حبس ماله وإيقافه عن ورود التقلّبات الاعتبارية عليه ، وتسبيل ثمرته على عنوان خاصّ أو أشخاص مخصوصين من دون إخراجه عن ملكه ، فالأمر في غاية الوضوح ، لأنّه ملكه ، وبعد موته ملك وارثه.
وأمّا إن قلنا بأنّه تمليك للموقوف عليهم فيما عدا وقف المسجد ، بل وفيما عدا الوقف على الجهات ، كالقناطر والخانات والرباطات ، فمقتضى القاعدة عدم رجوعه إليه أو إلى وارثه ، لأنّ رجوعه إليه بعد خروجه عنه يحتاج إلى دليل وهو مفقود. اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ خروجه عن ملك الواقف ليس مطلقا ودائميّا بل مقيّد ببقاء الموقوف عليهم ، فإذا انقرضوا يرجع إلى حالته الأولى ، بل ينبغي أن يقال يبقى على حالته الأولى ، لا أنّه يرجع إليها.
وأمّا إن قلنا بخروجه عن ملك الواقف ، وصيرورته ملكا مطلقا للموقوف عليهم غير مقيّد ببقائهم ، فإذا انقرضوا يكون لورثة البطن أو الشخص الأخير ، بمفاد قوله عليهالسلام : « ما تركه الميّت من حقّ أو مال فلوارثه » (١). وليس التمسّك به من قبيل التمسّك بعموم العامّ في الشبهة المصداقية ، لأنّه بناء على عدم تقييد ملكيّته ببقائه يصدق عليه عنوان « ما تركه الميت » يقينا.
وأمّا القول بصرفه في وجوه البرّ فليس له وجه ، إلاّ أن يقال بأنّ المال خرج عن ملك الواقف مطلقا ودخل في ملك الموقوف عليهم مقيّدا ببقائهم ، فلا يرث وارثهم ولا الواقف ، لأنّ دخوله في ملكه ثانيا يحتاج إلى دليل وليس ، ومع ذلك كلّه الوقف باق على وقفيّته ، فيكون مثل الوقف المجهول المصرف يصرف في وجوه البرّ.
__________________
(١) النراقي في « مستند الشيعة » ج ١٤ ، ص ٤١٢ ، « مسند احمد » ج ٢ ، ص ٤٥٣ ، نحوه ، « سنن ابن ماجه » ج ٢ ، ص ص ٩١٤ ، ح ٢٧٣٨ ، باب ذوي الأرحام ، نحوه.